عمدة القاري - العيني - ج ٢٥ - الصفحة ٨٩
7 ((باب قول الله تعالى: * (وهو العزيز الحكيم) * وغيرها * (قل نعم وأنتم داخرون) * الصافات: 180 * (يقولون لئن رجعنآ إلى المدينة ليخرجن الاعز منها الاذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولاكن المنافقين لا يعلمون) * ومن حلف بعزة الله وصفاته أي: هذا باب في قول الله عز وجل: آ أ ؤ ذكر فيه ثلاث قطع من ثلاث آيات: الأولى: قوله تعالى: * (وهو العزيز الحكيم) *، وغيرها فالعزيز متضمن للعزة ويجوز أن يكون صفة ذات يعني القدرة والعظمة، وأن يكون صفة فعل بمعنى القهر لمخلوقاته والغلبة لهم. وقال الحليمي معناه: الذي لا يوصل إليه ولا يمكن إدخال مكروه عليه، فإن العزيز في لسان العرب من العزة وهي الصلابة. وقال الخطابي: العزيز المنيع الذي لا يغلب، والعز قد يكون من الغلبة، يقال منه: عز يعز، بفتح العين وقد يكون بمعنى نفاسة القدر، يقال منه: عز يعز، بكسر العين فيؤول معنى العز على هذا وأنه لا يعازه شيء. قوله: الحكيم، متضمن لمعنى الحكمة وهو إما صفة ذات يكون بمعنى العلم والعلم من صفات الذات، وإما صفة فعل بمعنى الأحكام. الآية الثانية: * (قل نعم وأنتم داخرون) * ففي إضافة العزة إلى الربوبية إشارة إلى أن المراد هاهنا القهر والغلبة، ويحتمل أن يكون الإضافة للاختصاص كأنه قيل: ذو العزة وأنها من صفات الذات، والتعريف في العزة للجنس، فإذا كانت العزة كلها لله تعالى فلا يصح أن يكون أحد معتزا إلا به، ولا عزة لأحد إلا وهو مالكها. والآية الثالثة: يعرف حكمها من الثانية، وهي بمعنى الغلبة لأنها جواب لمن ادعى أنه الأعز، وأن ضده الأذل فرد عليه أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، فهو كقوله: * (كتب الله لاغلبن أنا ورسلى 1764; إن الله قوى عزيز) * قوله: ومن حلف بعزة الله وصفاته كذا في رواية الأكثرين، وفي رواية المستملي: وسلطانه، بدل. وصفاته، والأول أولى، وقد تقدم في كتاب الأيمان والنذور: باب الحلف بعزة الله وصفاته، وكلامه، وقد تقدم الكلام فيه. وقال ابن بطال ما ملخصه: الحالف بعزة الله التي هي صفة ذات يحنث، والحالف بعزة الله التي هي صفة فعل لا يحنث، بل هو منهي عن الحلف بها كما نهى عن الحلف بحق السماء وحق زيد. انتهى. لكن إذا أطلق الحالف انصرف إلى صفة الذات وانعقد اليمين إلا إن قصد خلاف ذلك.
وقال أنس: قال النبي تقول جهنم قط قط وعزتك هذا طرف من حديث مطول مضى في تفسير سورة ق والمراد به أن النبي نقل عن جهنم أنها تحلف بعزة الله وأقرها على ذلك، فيحصل المراد سواء كانت هي الناطقة حقيقة أم الناطق غيرها كالموكلين بها.
وقال أبو هريرة عن النبي يبقى رجل بين الجنة والنار آخر أهل النار دخولا الجنة، فيقول: رب اصرف وجهي عن النار، لا وعزتك لا أسألك غيرها. قال أبو سعيد: إن رسول الله قال: قال الله عز وجل: لك ذلك وعشرة أمثاله مطابقة هذا والذي قبله للترجمة ظاهرة. هذا طرف حديث طويل تقدم مع شرحه في آخر كتاب الرقاق. قوله: يبقى رجل يروي: أن اسمه جهنية، بالجيم والنون، قيل: ليس كلام هذا حجة. وأجيب: بأن حكاية رسول الله على سبيل التقرير والتصديق حجة. قوله: وقال أبو سعيد من تتمة حديث أبي هريرة، قاله الكرماني. قلت:
ليس كذلك بل المراد أن أبا سعيد وافق أبا هريرة على رواية الحديث المذكور إلا ما ذكره من الزيادة في قوله: عشرة أمثاله وقال أيوب: وعزتك لا غنى بي عن بركتك.
هذا أيضا طرف من حديث لأبي هريرة مضى في كتاب الأيمان والنذور، وتقدم أيضا موصولا في كتاب الطهارة في الغسل، وأوله: بينا أيوب يغتسل... وتقدم أيضا في أحاديث الأنبياء، عليهم السلام، مع شرحه، ووقع في رواية الحاكم: لما عافى الله أيوب أمطرعليه جرادا من ذهب.. الحديث. قوله: لا غنى بي، بالقصر في رواية الأكثرين، وفي رواية المستملي: لا غناء، ممدودا وكذا في رواية أبي ذر للسرخسي.
(٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 ... » »»