عمدة القاري - العيني - ج ٢٣ - الصفحة ٦٨
أخبره أن أناسا من الأنصار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يسأله أحد منهم إلا أعطاه حتى نفد ما عنده، فقال لهم حين نفد كل شيء أنفق بيديه: (ما يكن عندي من خير لا أدخره عنكم وإنه من يستعف يعفه الله، ومن يتصبر يصبره الله، ومن يستغن يغنه الله، ولن تعطوا عطاء خيرا وأوسع من الصبر). (انظر الحديث 9641).
مطابقته للترجمة، في آخر الحديث. وأبو اليمان الحكم بن نافع وروايته عن شعيب بن أبي حمزة عن محمد بن مسلم الزهري في البخاري كثيرة، وأبو سعيد سعد بن مالك الخدري.
والحديث مضى في الزكاة عن قتيبة. وأخرجه مسلم والنسائي أيضا عن قتيبة ومضى الكلام فيه.
قوله: (أن أناسا) ويروى: أن ناسا، والمعنى واحد. قوله: (حتى نفد) بفتح النون وكسر الفاء أي: فرغ. قوله: (إنفق بيديه) جملة حالية، أو اعتراضية أو استئنافية، ويروى بيده، بالإفراد. قوله: (ما يكن) كلمة: ما، إما موصولة وإما شرطية، ويروى: ما يكون، وصوب الدمياطي الأول. قوله: (لا أدخره) بالإدغام وبغيره وفي رواية مالك: فلم أدخره، وعنه: فلن أدخره، وداله مهملة، وقيل: معجمة. قوله: (وإنه من يستعف) كذا في رواية الأكثرين بتشديد الفاء، وفي رواية الكشميهني: من يستعفف، من الاستعفاف وهو طلب العفة وهي الكف عن الحرام والسؤال من الناس. قوله: (يعفه الله) بضم الياء وبتشديد الفاء المفتوحة أي يرزقه العفاف. قوله: (ومن يتصبر) أي: ومن يتكلف الصبر يصبره الله بضم الياء وتشديد الباء المكسورة أي: يرزقه الله الصبر. قوله: (ومن يستغن) أي: ومن يظهر الغناء ولم يسأل يغنه بضم الباء من الإغناء، أي: يرزقه الغنى عن الناس، ووقع في رواية عبد الرحمن بن أبي سعيد بدل التصبر، ومن استكفى كفاءه الله وزاد: ومن سال وله قيمة أوقية فقد ألحف. قوله: (ولن تعطوا) على صيغة المجهول بالخطاب للجمع. قوله: (عطاء خيرا) بالنصب، كذا في هذه الرواية، وقع في رواية مالك: هو خير، بالرفع، وفي رواية مسلم: عطاء خير، والتقدير: هو خير، وقال النووي: كذا في نسخ مسلم يعني بالرفع والتقدير: هو خير، كما قلنا.
1746 حدثنا خلاد بن يحيى حدثنا مسعر حدثنا زياد بن علاقة قال: سمعت المغيرة بن شعبة يقول. كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي حتى ترم أو تنتفخ قدماه فيقال له، فيقول: (أفلا أكون عبدا شكورا). (انظر الحديث 0311 وطرفه).
مطابقته للترجمة في الصبر على الطاعة فإنه صلى الله عليه وسلم، صبر عليها حتى تورمت قدماه.
وخلاد بفتح الخاء المعجمة وتشديد اللام ابن يحيى بن صفوان أبو محمد السلمي الكوفي، سكن مكة ومات بها سنة ثلاث عشرة ومائتين، ومعسر بكسر الميم وسكون المهملة الأولى وفتح الثانية وبالراء ابن كدام الكوفي، وزياد بكسرالزاي وتخفيف الياء آخر الحروف ابن علاقة بكسر العين وتخفيف اللام وبالقاف.
والحديث مضى في صلاة الليل عن أبي نعيم. وأخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة في الصلاة، فالأولان عن قتيبة وابن ماجة عن هشام بن عمار.
قوله: (حتى ترم) أصله: تورم، لأنه من ورم يرم بالكسر فيهما والقياس يورم، وهو أحد ما جاء على هذا البناء، ومجيئه على هذا البناء شاذ، وهو من الورم وهو الانتفاخ. قوله: (أو تنتفخ) بالنصب، قال الكرماني: كلمة: أو، للتنويع، ويحتمل أن يكون شكا من الراوي، وجزم غيره أنه للشك. قوله: (فيقال له) أي: إنك قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فيقول صلى الله عليه وسلم: أفلا أكون عبدا شكورا على ما أنعم الله علي من هذا الفضل العظيم الذي اختصصت به؟.
12 ((باب * ((65) ومن يتوكل على الله فهو حسبه) * (الطلاق: 3)) أي: هذا باب مترجم بقوله تعالى: * (ومن يتوكل على الله فهو حسبه) * وأصل التوكل من الوكول، يقال: وكل أمره إلى فلان أي التجأ إليه واعتمد عليه، والتوكل تفويض الأمر إلى الله وقطع النظر عن الأسباب، وليس التوكل ترك السبب والاعتماد على ما يجيء من المخلوقين لأن ذلك قد يجر إلى ضد ما يراد من التوكل، وقد سئل الإمام أحمد رحمه الله، عن رجل جلس
(٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 ... » »»