عمدة القاري - العيني - ج ٢٣ - الصفحة ١٠١
فما أدري أكان ممن صعق).
رواه أبو سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
هذا طريق آخر في الحديث المذكور أورده مختصرا وبقيته بعد قوله: ممن صعق أم لا.
ورجاله بهذا النسق قد مروا غير مرة، وأبو اليمان الحكم بن نافع، وأبو الزناد بالزاي والنون عبد الله بن ذكوان، والأعرج هو عبد الرحمن بن هرمز. فإن قيل: فهل صار موسى عليه السلام، بهذا التقدم أفضل من نبينا صلى الله عليه وسلم؟ قيل له: لا يلزم من فضله من هذه الجهة أفضليته مطلقا، وقيل: لا يلزم أحد الأمرين المشكوك فيهما الأفضلية على الإطلاق.
قوله: (رواه أبو سعيد) أي: روى الحديث المذكور أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم، يعني: أصل الحديث، وقد تقدم موصولا في كتاب الأشخاص وفي قصة موسى عليه السلام، من أحاديث الأنبياء عليهم السلام.
44 ((باب يقبض الله الأرض يوم القيامة)) أي: هذا باب يذكر فيه يقبض الله الأرض، معنى يقبض يجمع، وقد يكون معنى القبض فناء الشيء وذهابه، قال تعالى: * (والأرض جميعا قبضته يوم القيامة) * (الزمر: 76) ويحتمل أن يكون المراد به، والأرض جميعا ذاهبة فانية يوم القيامة.
رواه نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أي: روى قوله: يقبض الله الأرض يوم القيامة، نافع عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا التعليق سقط من بعض الرواة من شيوخ أبي ذر، ووصله البخاري في التوحيد على ما يجيء، إن شاء الله تعالى.
9156 حدثنا محمد بن مقاتل أخبرنا عبد الله أخبرنا يونس عن الزهري حدثني سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يقبض الله الأرض ويطوي السماء بيمينه ثم يقول: أنا الملك! أين ملوك الأرض؟).
مطابقته للترجمة في أول الحديث. ومحمد بن مقاتل المروزي، وعبد الله هو ابن المبارك المروزي، ويونس هو ابن يزيد، والزهري محمد بن مسلم.
والحديث أخرجه البخاري في التوحيد أيضا عن أحمد بن صالح. وأخرجه مسلم في التوبة عن حرملة. وأخرجه النسائي في النعوت عن سويد بن نصر وغيره وفي التفسير عن يونس بن عبد الأعلى. وأخرجه ابن ماجة في السنة عن حرملة بن يحيى وغيره. والحديث من المتشابهات.
قوله: (ويطوي السماء) أي: يذهبها ويفنيها ولا يراد بذلك طي بعلاج وانتصاب إنما المراد بذلك الإذهاب والإفناء، يقال: انطوى عنا ما كنا فيه، أي: ذهب وزال، والأصل الحقيقة. قوله: (بيمينه) أي: بقدرته. وقال القرطبي: يده عبارة عن قدرته وإحاطته بجميع مخلوقاته، واليد تأتي لمعان كثيرة: بمعنى القوة ومنه قوله تعالى: * (واذكر عبدنا داود ذا الأيد) * (ص 1764;: 71) وبمعنى الملك، ومنه قوله تعالى: * (قل إن الفضل بيد الله) * (آل عمران: 37)، وبمعنى: النعمة تقول: كم يد لي عند فلان، أي: كم من نعمة أسديتها إليه، وبمعنى الصلة ومنه قوله تعالى: * ((2) أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح) * (البقرة: 732) وبمعنى الجارحة، ومنه قوله تعالى: * ((38) وخذ بيدك ضغثا) * وبمعنى الذل ومنه قوله تعالى (حتى يعطوا الجزية عن يد) قال الهروي أي عن ذل وقوله تعالى (يد الله فوق أيديهم) (ص 1764;: 44) قيل: في الوفاء، وقيل: في الثواب. وفي الحديث: (هذه يدي لك)، أي: استسلمت لك وانقدت لك، وقد يقال ذلك للعاتب، واليد الاستسلام. قال الشاعر.
* أطاع يدا بالقول فهو ذلول * أي: انقاد واستسلم. واليد السلطان، واليد الطاعة، واليد الجماعة، واليد الأكل، واليد الندم: وفي الحديث: (وأخذ بهم يد البحر)، يريد طريق الساحل، ويقال للقوم إذا تفرقوا وتمزقوا في آفاق: صاروا أيدي سبأ، واليد السماء، واليد الحفظ والوقاية، ويد القوس أعلاها، ويد السيف قبضته ويد الرحى العود الذي يقبض عليه الطاحن، ويد الطائر جناحه، وقالوا: لا آتيه يد الدهر أي: الدهر، ولقيته أول ذات يدي أي: أول شيء. وفي الحديث: (اجعل الفساق يدا يدا ورجلا رجلا) أي: فرق بينهما في الهجرة، واليد الطاعة، وابتعت الغنم بيدين أي: بثمنين مختلفين، ويد الثوب ما فضل منه إذا تعطفت به والتحقت وإعطاء عن ظهر يد أي: ابتداء لا عن بيع ولا مكافاة، ويد الشيء أمامه، وهذا
(١٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 ... » »»