ولم يختلفوا أن رواية فطر بن خليفة مرفوعة، وأخرجه الإسماعيلي من رواية محمد بن يوسف الفريابي عن سفيان الثوري عن الحسن بن عمرو وحده مرفوعا، ومن رواية مؤمل بن إسماعيل عن الثوري عن الحسن بن عمرو موقوفا. قوله: (ولكن) قال الطيبي: الرواية فيه بالتشديد، ويجوز التخفيف.
16 ((باب من وصل رحمه في الشرك ثم أسلم)) أي: هذا باب في بيان من وصل رحمه حال كونه في الشرك، ثم بعد ذلك: هل أسلم يكون له في ذلك ثواب ولم يبين حكمه لوجود الاختلاف فيه.
5992 حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري قال: أخبرني عروة بن الزبير أن حكيم ابن حزام أخبره أنه قال: يا رسول الله! أرأيت أمورا كنت أتحنث بها في الجاهلية من صلة وعتاقة وصدقة، هل لي فيها من أجر؟ قال حكيم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلمت على ما سلف من خير.
مطابقته للترجمة تؤخذ من معنى الحديث. وأبو اليمان الحكم بن نافع. والحديث قد مضى في الزكاة في: باب من تصدق في الشرك ثم أسلم.
قوله: (أرأيت) أي: أخبرني. قوله: (أتحنث) أي: أتعبد، وحقيقته التجوز عن الحنث وهو الإثم، فكأن المتعبد يلقي الإثم عن نفسه بالعبادة.
وفيه: أن المؤمن من يثاب على أعمال الخير الصادرة عنه حالة الكفر.
ويقال أيضا عن أبي اليمان: أتحنت، وقال معمر وصالح وابن المسافر: أتحنث. وقال ابن إسحاق: التحنث التبرر، وتابعهم هشام عن أبيه.
أي: كما حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع المذكور بالحديث المذكور، وفيه: أتحنث، بالثاء المثلثة يقال أيضا عنه: أتحنث، بالتاء المثناة من فوق بدل الثاء المثلثة، ولضعف هذا ذكره بصيغة التمريض، وهو في رواية أبي ذر هكذا وفي رواية غيره. وقال أيضا: عن أبي اليمان، فهو من كلام البخاري، فيكون فاعل: قال، هو البخاري نفسه. وقال ابن التين: أتحنت بالمثناة لا أعلم له وجها، ووقع عند الإسماعيلي: أتجنب بالجيم والنون والباء الموحدة، وبعد أن نقله نسبه إلى البخاري، ثم قال: والتحنت يعني بالمثناة تصحيف، وإنما هو التحنث يعني بالثاء المثلثة مأخوذ من الحنث وهو الإثم، فكأنه قال: أتوقى ما يؤثم. قوله: (وقال معمر)، هو ابن راشد، وصالح هو ابن كيسان، وابن المسافر هو عبد الرحمن بن خالد بن مسافر الفهمي المصري أمير مصر، ووقع هنا لمسافر بالألف واللام والشهور فيه بحذفهما. قوله: (أتحنت)، مقول قول الثلاثة يعني: بالتاء المثناة، أما تعليق معمر فوصله البخاري في الزكاة في: باب من تصدق في الشرك ثم أسلم، وأما تعليق صالح فوصله مسلم من حديث صالح عن ابن شهاب، قال: أخبرني عروة بن الزبير أن حكيم بن حزام أخبره أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أي رسول الله! أرأيت أمورا كنت أتحنت بها في الجاهلية؟ الحديث. وأما تعليق ابن مسافر فوصله الطبراني في (الأوسط) من طريق الليث بن سعد عنه. قوله: وقال ابن إسحاق، هو محمد بن إسحاق صاحب السيرة: التحنث، بالثاء المثلثة التبرر من البر بالباء الموحدة والراء المشددة، هكذا ذكره ابن إسحاق في السيرة النبوية. قوله وتابعهم هشام عن أبيه، أي: تابع هؤلاء المذكورين هشام بن عروة عن أبيه عروة، هكذا رواية الكشميهني تابعهم بالجمع، وفي رواية غيره: وتابعه بالإفراد، وهذا أولى لأن المراد بهذه المتابعة خصوص تفسير التحنث بالتبرر، ووصل هذه المتابعة البخاري في العتق من طريق أبي أسامة عنه، ولفظه: أن حكيم بن حزام قال... فذكر الحديث، وفيه: كنت أتحنث بها، يعني: أتبرر.
17 ((باب من ترك صبية غيره حتى تلعب به، أو قبلها، أو مازحها)) أي: هذا باب فيه ذكر من ترك... إلى آخره. قوله: (حتى تلعب)، أي: تركها إلى أن تلعب ببعض جسده. قوله: (أو قبلها) من التقبيل وهذا من تقبيل الشفقة لأن التقبيل على أنواع. قوله: (أو مازحها) من الممازحة من باب المفاعلة الذي يقتضي الاشتراك من الجانبين، والأوجه أن يكون: مازح، هنا بمعنى: مزح، لأن المزح ما يتصور من كل صغير. وقال بعضهم: والذي