عمدة القاري - العيني - ج ٢٢ - الصفحة ٩٥
من كان صالحا، وإن بعد نسبه مني، وليس ولي من كان غير صالح وإن قرب نسبه مني.
وقال القرطبي: فائدة الحديث: انقطاع الولاية بين المسلم والكافر ولو كان قريبا جميعا، وقال الطيبي، شيخ شيخي: المعنى أني لا أوالي أحدا بالقرابة، وإنما أحب الله لماله من الحق الواجب على العباد، وأحب صالح المؤمنين لوجه الله تعالى، وأوالي من أوالي بالإيمان والصلاح سواء كانوا من ذوي رحمي أم لا، ولكن أراعي لذوي الرحم حقهم لصلة الرحم، هذا من فحول الكلام، ومن فحول العلماء. وقد اختلفوا في المراد بقوله تعالى: * ((66) وصالح المؤمنين) * (التحريم: 4) على أقوال: الأول: الأنبياء، أخرجه الطبري عن قتادة. الثاني: الصحابة أخرجه ابن أبي حاتم عن السدي. الثالث: خيار المؤمنين، أخرجه ابن أبي حاتم عن الضحاك. الرابع: أبو بكر وعمر وعثمان، أخرجه ابن أبي حاتم عن الحسن البصري. الخامس: أبو بكر وعمر، أخرجه الطبري عن ابن مسعود مرفوعا، وسنده ضعيف. السادس: عمر خاصة، أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح عن سعيد بن جبير. السابع: أبو بكر خاصة، ذكره القرطبي عن المسيب بن شريك. الثامن: علي، أخرجه ابن أبي حاتم عن مجاهد.
قوله: (زاد عنبسة بن عبد الواحد) أي: ابن أمية بن عبد الله ابن سعيد بن العاص بن أحيحة بمهملتين مصغرا، وكان يعد من الأبدال، وماله في البخاري سوى هذا الموضع المعلق، ووصله البخاري في كتاب البر والصلة، فقال: حدثنا محمد بن عبد الواحد بن عنبسة حدثنا جدي فذكره. قوله: (عن بيان) بفتح الباء الموحدة وتخفيف الياء آخر الحروف، وبالنون ابن بشر بالشين المعجمة الأحمسي. قوله: (عن قيس) هو قيس بن أبي حازم المذكور. قوله: (لهم) أي: لآل أبي فلان. قوله: (رحم) أي: قرابة. قوله: (أبلها)، أي: أنديها ببلالها، أي: بما يجب أن تندى به، ومنه: بلوا أرحامكم أي: ندوها أي: صلوها، يقال: للوصل بلل، لأنه يقتضي الاتصال والقطيعة يبس، لأنه يقتضي الانفصال. قوله: يعني: أصلها بصلتها، هذا التفسير قد سقط من رواية النسفي، ووقع عند أبي ذر وحده: أبلها ببلالها، وبعده في الأصل: كذا وقع وببلالها أجود وأصح وببلائها لا أعرف له وجها. انتهى حاصل هذا أن البخاري قال: وقع في كلام هؤلاء الرواة ببلائها بالهمزة بعد الألف، ولو كان ببلالها باللام لكان أجود وأصح يعني، قال: ولا أعرف لبلائها وجها. وقال الكرماني: يحتمل أن يقال: وجهه أن البلاء جاء بمعنى المعروف والنعمة، وحيث كان الرحم مصرفها أضيف إليها بهذه الملابسة، فكأنه قال: أبلها بمعروفها اللائق بها، ووجه أيضا الداودي هذه الرواية على تقدير ثبوتها بأن المراد ما أوصله إليها من الأذى على تركهم الإسلام، ورد عليه ابن التين بأنه: لا يقال في الأذى: أبله، وفيه نظر لا يخفى.
15 ((باب ليس الواصل بالمكافىء)) أي: هذا باب يذكر فيه: ليس الواصل بالكافىء، يعني: ليس حقيقة الواصل من يكافىء صاحبه بمثل فعله إذ ذاك نوع معاوضة، وروى عبد الرزاق عن معمر عمن سمع عكرمة يحدث عن ابن عباس، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ليس الوصل أن تصل من وصلك ذلك القصاص ولكن الوصل أن تصل من قطعك، وهذا حقيقة الوصل الذي وعد الله عباده عليه جزيل الأجر، قال تعالى: * (والذين يصلون.... يوصل) * (الرعد: 21).
5991 حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن الأعمش والحسن بن عمرو وفطر عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو قال سفيان: لم يرفعه الأعمش إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ورفعه الحسن وفطر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس الواصل بالمكافىء، ولاكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها.
مطابقته للترجمة ظاهرة. وسفيان هو الثوري، والأعمش هو سليمان، والحسن بن عمرو الفقيمي، بضم الفاء وفتح القاف وفطر بكسر الفاء وسكون الطاء المهملة وبالراء ابن خليفة.
والحديث أخرجه أبو داود في الزكاة عن محمد بن كثير عن سفيان الثوري. وأخرجه الترمذي في البر عن محمد بن يحيى بن أبي عمر عن سفيان بن عيينة.
قوله: (قال سفيان) هو الثوري الراوي وهو موصول بالإسناد المذكور. قوله: (لم يرفعه) أي: الحديث. قوله: (ورفعه الحسن وفطر) هو المحفوظ عن الثوري
(٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 ... » »»