عمدة القاري - العيني - ج ٢٢ - الصفحة ٤٨
: أخضب النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: لم يبلغ الشيب إلا قليلا. (انظر الحديث 3550 وطرفه).
مطابقته للترجمة تؤخذ من معنى الحديث، ومعلى بضم الميم اسم مفعول من التعلية ابن أسد العمي أبو الهيثم البصري، ووهيب مصغر وهب ابن خالد، وأيوب هو السختياني.
والحديث أخرجه مسلم في فضائل النبي صلى الله عليه وسلم، عن أبي بكر ابن أبي شيبة وغيره.
قوله: أخضب؟ الهمزة فيه للاستفهام على سبيل الاستخبار. قوله: (لم يبلغ الشيب) أي: لم يبلغ النبي صلى الله عليه وسلم، الشيب وفي رواية مسلم بإسناد البخاري، فقال له: لم ير من الشيب إلا قليلا. واختلف في القليل، فقيل: كان تسع عشرة شعرة بيضاء، وقيل: عشرون، وقال أبو القاسم في: (كتاب الشيب) عن أنس: خمس عشرة، وعند ابن سعد: سبع عشرة أو ثمان عشرة، وفي حديث الهيثم بن دهر: ثلاثون شعرة عددا وفي حديث جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنه: ما كان في رأسه ولحيته من الشيب إلا شعرات في مفرق رأسه إذا ادهن، وأراهن الدهن وكل اتفق على أنه قد كان شيب، وقال أبو بكر وأبو جحيفة: تراك يا رسول الله قد شبت؟ قال: ومالي لا أشيب؟ وقال أبو جحيفة: أكثرها في عنفقته، زاد غيره: وصدغيه، والعنفقة الشعر الذي بين الشفة والذقن، وقال القاضي: اختلف في خضابه فمنعه الأكثرون منهم أنس، وأثبته بعضهم لحديث أم سلمة وابن عمر: أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصبغ بالصفرة، وجمع بينهما بأن ذلك كان طيبا فظنه من رآه صبغا 5895 حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن ثابت قال: سئل أنس عن خضاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنه لم يبلغ ما يخضب لو شئت أن أعد شمطاته في لحيته. (انظر الحديث 3550 وطرفه).
مطابقته للترجمة ظاهرة. وثابت هو البناني.
والحديث أخرجه مسلم في فضائل النبي صلى الله عليه وسلم لم يبلغ ما يخضب، وكلمة: ما مصدرية أي: لم يبلغ الخضاب، ويؤيده رواية مسلم عن ابن سيرين، قال: سألت أنس بن مالك، هل كان النبي صلى الله عليه وسلم خضب؟ فقال: لم يبلغ الخضاب كان في لحيته شعرات بيض. قوله: (لو شئت) جواب: لو، محذوف تقديره: لو شئت أن أعد شمطاته لعددتها وذلك لقلتها، وفي رواية مسلم أنه لم يكن رأى من الشيب إلا قليلا. قوله: (شمطاته) بالحركات الثلاث، قال في (المطالع): شمطاته أي: شيبه، ثم قال: وهذا يصحح قول الأصمعي: إذا رأى الرجل البياض في رأسه فهو أشمط، وفي (المغرب) الشمط بياض شعر الرأس يخالط سواده، وعن الليث الشمط في الرجل شيب اللحية، وهذا هو الذي يناسب حديث الباب والجمع بين إثبات الشيب ونفيه أنه كان قليلا فمن أثبته اعتبره، ومن نفاه لم يعتبره بالنسبة إلى بقية الشعر.
5896 حدثنا مالك بن إسماعيل حدثنا إسرائيل عن عثمان بن عبد الله بن موهب قال: أرسلني أهلي إلى أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم بقدح من ماء، وقبض إسرائيل ثلاث أصابع من فضة فيه شعر من شعر النبي صلى الله عليه وسلم وكان إذا أصاب الإنسان عين أو شيء بعث إليها مخضبه فاطلعت في الجلجل فرأيت شعرات حمرا.
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله (شعرات حمر) لأنه يدل على الشيب. ومالك بن إسماعيل هو ابن غسان النهدي، وإسرائيل هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، وعثمان بن عبد الله بن موهب بفتح الميم والهاء الأعرج التيمي مولى آل طلحة وليس له في البخاري سوى هذا الحديث، وآخر سبق في الحج، وأم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم هند بنت أبي أمية.
والحديث أخرجه ابن ماجة في اللباس أيضا عن أبي بكر بن أبي شيبة.
قوله: (أهلي) يحتمل أن يكون امرأته. قوله: (وقبض إسرائيل ثلاث أصابع) إسرائيل هو الراوي المذكور، وقال بعضهم: فيه إشارة إلى صغر القدح، قال: وزعم الكرماني أنه عبارة عن عدد إرسال عثمان إلى أم سلمة وهو بعيد انتهى. قلت: الذي قاله هذا القائل هو البعيد، لأن القدح قدر ثلاث أصابع صغير جدا، فماذا يسع فيه من الماء حتى يرسل به؟ والتصرف بالأصابع غالبا يكون في العدد. قوله: (من فضة) بكسر الفاء وتشديد
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»