عمدة القاري - العيني - ج ٢٢ - الصفحة ٤٥
مطابقته للترجمة في قوله: (وقص الشارب). وعلي هو ابن عبد الله المديني، وسفيان هو ابن عيينة. قوله: (قال الزهري: حدثنا عن سعيد بن المسيب) هو من تقديم الراوي على الصيغة، وهو شائع ذائع. قوله: (رواية)، كناية عن قول الراوي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو نحوها. وقول الراوي رواية أو: يرويه، ويبلغ به، ونحو ذلك محمول على الرفع.
والحديث أخرجه مسلم في الطهارة: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعمر والناقد وزهير بن حرب جميعا عن سفيان قال أبو بكر: حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: الفطرة خمس أو خمس من الفطرة إلى آخره... وأخرجه أبو داود: حدثنا مسدد بن مسرهد قال: حدثنا سفيان عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم: الفطرة خمس أو خمس من الفطرة... الحديث. وأخرجه النسائي: أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقري قال: حدثنا سفيان عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الفطرة خمس: الختان... إلى آخره. وأخرجه ابن ماجة: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الفطرة خمس أو خمس من الفطرة: الختان... الحديث.
قوله: (الفطرة خمس) أي: خمسة أشياء، وأراد بالفطرة السنة القديمة التي اختارها الأنبياء عليهم السلام، واتفقت عليها الشرائع فكأنها أمر جلى فطروا عليه. قوله: (أو خمس من الفطرة) شك من الراوي، وذكر الخمس لا ينافي الزائد، وقد روى مسلم: حدثنا قتيبة بن سعيد وأبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب، قالوا: حدثنا وكيع عن زكريا بن أبي زائدة عن مصعب بن شيبة عن طلق بن حبيب عن عبد الله بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عشر من الفطرة: قص الشارب. وإعفاء اللحية. والسواك. واستنشاق الماء. وقص الأظافر. وغسل البراجم. ونتف الإبط. وحلق العانة. وانتقاص الماء. قال زكريا: قال مصعب: ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة، وزاد قتيبة: قال وكيع: انتقاص الماء يعني الاستنجاء به، وأخرجه بقية الجماعة غير البخاري. قلت: الانتقاص انتقاص البول بالماء إذا غسل المذاكير به، وقيل: هو الانتضاح بالماء، وروي بالفاء، ومادة الانتقاص الألف والنون والتاء والقاف والصاد المهملة، وروى أبو داود من حديث عمار بن ياسر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من الفطرة: المضمضة. والاستنشاق. والسواك. وقص الشارب. وتقليم الأظافر. ونتف الإبط. والاستحداد. وغسل البراجم. والانتضاح. والختان. وقال البخاري: هذا حديث منقطع لأن في سنده سلمة بن محمد بن عمار بن ياسر، يروي عن جده وهو لم ير جده عمارا ولا يعرف له سماع منه، ورواه الطحاوي أيضا ولفظه: الفطرة عشرة فذكر قص الشارب. قوله: (الختان)، قيل: الختان فرض لأنه شعار الدين كالكلمة وبه يتميز المسلم من الكافر ولولا أنه فرض لم يجز كشف العورة له والنظر إليها، والأربعة الباقية سنة، فما وجه الجمع بينهما؟ وأجيب: بأنه لا يمتنع قران الواجب مع غيره كقوله عز وجل: * ((6) كلوا من ثمره.. يوم حصاده) * (الأنعام: 141) قوله: (والاستحداد) هو استعمال الحديد في حلق العانة. قوله: (ونتف الإبط) بسكون الباء الموحدة فإن حلقه فقد خالف السنة، وفي رواية الكشميهني: الآباط، بالجمع. قوله: (وقص الشارب) سواء قصه بنفسه أو بيد غيره لحصول المقصود، بخلاف الإبط والعانة فلا يوليهما غيره.
64 ((باب تقليم الأظفار)) أي: هذا باب في بيان سنية تقليم الأظفار والتقليم تفعيل من القلم وهو القطع، ووقع في حديث الباب في رواية: وقص الأظفار، والأظفار جمع ظفر بضم الظاء والفاء وسكونها، وحكي عن أبي زيد كسر الظاء وأنكره ابن سيده، وقد قيل: إنه قراءة الحسن وعن أبي السماك أنه قرىء بكسر أوله وثانيه، ويستحب الاستقصاء في إزالتها بحيث لا يحصل ضرر على الإصبع ولم يثبت في ترتيب الأصابع عند القص شيء من الأحاديث، ولكن ذكر النووي في (شرح مسلم) أنه يستحب البداءة بمسبحة اليمنى ثم بالوسطى ثم بالبنصر ثم الخنصر ثم الإبهام، وفي اليسرى البداءة بخنصرها ثم بالبنصر إلى الإبهام، ويبدأ في الرجلين يختصر اليمنى إلى الإبهام، وفي اليسرى بإبهامها إلى الخنصر، ولم يذكر للاستحباب مستندا. وقال في: (شرح المهذب) بعد أن نقل
(٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 ... » »»