أي: هذا باب في بيان ما يكون جوازه من الظن، هكذا وقعت هذه الترجمة في رواية الأكثرين، وفي رواية النسفي ولأبي ذر عن الكشميهني: باب ما يجوز من الظن، وفي رواية القابسي والجرجاني: باب ما يكره من الظن، ورواية أبي ذر أنسب لسياق الحديث.
6067 حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن عن عروة عن عائشة قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما أظن فلانا وفلانا يعرفان من ديننا شيئا. قال الليث: كانا رجلين من المنافقين. (انظر الحديث 6067 طرفه في: 6068).
قيل: لا مطابقة بين الحديث والترجمة لأن في الترجمة إثبات الظن وفي الحديث نفي الظن. وأجيب بأن النفي في الحديث لظن النفي لا لنفي الظن فلاتنا في بينهما، وقال الكرماني: العرف في قول القائل: ما أظن زيدا في الدار، أظنه ليس في الدار. قلت: هو حاصل الجواب المذكور، وهذا السند قد تكرر مرارا عديدة خصوصا رجاله فردا فردا.
والحديث بهذا الوجه من أفراده.
قوله: (قال الليث) هن ابن سعد راوي الحديث، قال الداودي: تأويل الليث بعيد ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يعرف جميع المنافقين، قال الله تعالى: * ((8) لا تعلمونهم الله يعلمهم) * (الأنفال: 60) وفي التوضيح: الظن هنا بمعنى اليقين لأنه كان يعرف المنافقين بإعلام الله له بهم في سورة براءة، قال ابن عباس: كنا نسمي سورة براءة الفاضحة غير أن الله لم يأمره بقتلهم ونحن لا نعلم بالظن مثل ما علمه لأجل نزول الوحي عليه فلم يجب لنا القطع على الظن، غير أنه من ظهر منه فعل منكر فقد عرض نفسه لسوء الظن والتهمة في دينه فلا حرج على من أساء الظن به، وقد قال ابن عمر: كنا إذا فقدنا الرجل في صلاة العشاء والصبح أسأنا به الظن.
6068 حدثنا يحياى بن بكير حدثنا الليث بهاذا، وقالت: دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم، يوما وقال: يا عائشة! ما أظن فلانا وفلانا يعرفان ديننا الذي نحن عليه. (انظر الحديث 6067).
هذا طريق آخر في الحديث المذكور أخرجه عن يحيى بن عبد الله بن بكير بضم الباء الموحدة أبي زكريا المخزومي المصري عن الليث بن سعد بهذا أي بالحديث المذكور.
قوله: (وقالت) أي: عائشة (دخل علي) بتشديد الياء والنبي مرفوع لأنه فاعل: دخل، ويوما نصب على الظرف.
60 ((باب ستر المؤمن على نفسه)) أي: هذا باب في بيان ستر المؤمن على نفسه إذا صدر منه ما يعاب.
6069 حدثنا عبد العزيز بن عبد الله حدثنا إبراهيم بن سعد عن ابن أخي ابن شهاب عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله قال: سمعت أبا هريرة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجانة أن يعمل الرجل بالليل عملا ثم يصبح وقد ستره الله فيقول: يا فلان! عملت البارحة كذا، وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه.
قيل لا مطابقة بين الترجمة وبين الحديث لأن الترجمة عقدت لستر المؤمن على نفسه، وفي الحديث: ستر الله على المؤمن، وأجيب بأن ستر الله مستلزم لستر المؤمن على نفسه، فمن قصد إظهار المعصية والمجاهرة فقد أغضب الله تعالى فلم يستره، ومن قصد التستر بها حياء، من ربه ومن الناس من الله عليه بستره إياه.
وإبراهيم بن سعد بن عبد الرحمن بن عوف، وهنا روى عن الزهري بواسطة وهو يروي عنه كثيرا بلا واسطة، وابن أخي ابن شهاب محمد بن عبد الله بن مسلم يروي عن عمه عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبي هريرة، وفي رواية مسلم في آخر الكتاب: عن زهير بن حرب ومحمد بن حاتم وعبد بن حميد ثلاثتهم عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد كلاهما عن ابن أخي الزهري عن عمه عنه به.
قوله: (معافى) بضم الميم وفتح الفاء مقصورا اسم مفعول من العافية التي وضعت موضع المصدر، يقال: عافاه عافية والعافية دفاع الله عن العبد، والمعنى هنا: عفا الله عنه. قوله: (إلا المجاهرين)