عمدة القاري - العيني - ج ١٩ - الصفحة ١٠
صوت الحديد إذا تحرك وتداخل وكأن الرواية وقعت له هنا بالصاد، أو أراد أن التشبيه في الموضعين بمعنى واحد. قوله: (قال علي) هو: علي بن عبد الله شيخه. قوله: (وقال غيره)، أي: غير سفيان الراوي المذكور (ينفذهم ذلك) وهذه اللفظة هي زيادة غير سفيان أي: ينفذ الله إلى الملائكة ذلك القول، وروي: ينفذ ذلك، أي: ينفذ الله ذلك الأمر، والصفوان تلك السلسلة أي: صوتها، وفي تفسير ابن مردويه من حديث ابن مسعود رفعه: إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السماوات صلصلة أي: كصلصلة السلسلة على الصفوان فيفزعون ويرون أنه من أمر الساعة، وقرأ: * (حتى إذا فزع) * (سبإ: 32) الآية. وأصل الحديث عند أبي داود. قوله: (فإذا فزع) أي: فإذا أزيل الخوف عن قلوبهم، وزوال الفزع هنا بعد سماعهم القول كالفصم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد سماع الوحي. قوله: (ماذا قال ربكم) أي: قالت الملائكة: أي شيء قال ربكم؟ قوله: (قالوا)، القائلون هم المجيبون وهم الملائكة المقربون كجبريل وميكائيل وغيرهما، على ما رواه أبو داود من حديث ابن مسعود، قال: إذا تكلم الله عز وجل بالوحي سمع أهل السماء صلصلة كجر السلسلة على الصفوان، فيصعقون فلا يزالون كذلك حتى يأتيهم جبريل عليه السلام، فإذا جاء جبريل فزع عن قلوبهم فيقولون: يا جبريل! ماذا قال ربكم؟ فيقول: الحق، فيقولون: الحق الحق. قوله: (الذي قال)، أي: الذي قالوا: الحق لأجل ما قال الله عز وجل والمعنى أنهم عبروا عن قول الله وما قضاه وقدره بلفظ الحق. قوله: (الحق)، منصوب على أنه صفة مصدر محذوف تقديره: قال الله القول الحق، ويحتمل الرفع على تقدير: قال المجيبون: قوله الحق، هكذا قدر الزمخشري في سورة سبأ في قوله تعالى: * (ماذا أنزل ربكم قالوا الحق) * (سبإ: 32) بالرفع، والقول يجوز أن يراد به كلمة: كن، وإن يراد بالحق ما يقابل الباطل، ويجوز أن يراد به القول المسطور في اللوح المحفوظ، فالحق بمعنى الثابت في اللوح المحفوظ. قوله: (فيسمعها) أي: يسمع تلك الكلمة وهي القول الذي قال الله عز وجل، (ومسترقو السمع) فاعله وأصله: مسترقون للسمع، فلما أضيف حذفت النون، وفي رواية أبي ذر: (فيسمعها مسترق السمع)، بالإفراد. قوله: (ومسترقو السمع) مبتدأ وخبره هو قوله: هكذا، ثم فسره بقوله: هكذا واحد فوق آخر، (ووصف سفيان) إلى قوله: (فوق بعض) من الوصف، وهو بيان كيفية المستمعين بركوب بعضهم على بعض، وقال الكرماني: وصف، بتشديد الفاء، ويروى: ووصف. قوله: (بيده)، ويروى بكفه، أي: بين ركوب بعضهم فوق بعض بأصابعه، قوله: (بعضها فوق بعض) توضيح أو بدل وفيه معنى التشبيه، أي: مسترقو السمع بعضهم راكب بعضهم مردفين ركوب أصابعي هذه بعضها فوق بعض. قوله: (ووصف سفيان) إلى آخره، كلام معترض بين الكلامين. قوله: (فربما أدرك الشهاب المستمع) قد مر أن الشهاب هو النار، وقيل: هو كواكب تضيء، قال الله تعالى: * (إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب وحفظا من كل شيطان مارد) * (الصافات: 6) وسمى شهابا لبريقه وشبهه بالنار، وقيل: الشهاب شعلة نار، واختلفوا في أنه يقتل أم لا، فعن ابن عباس أنه يجرح ويحرق ولا يقتل، وقال الحسن وغيره: يقتل. قوله: (إلى الذي هو أسفل منه)، بدل عن قوله: إلى الذي يليه. قوله: (وربما قال سفيان: حتى ينتهي إلى الأرض) أيضا معترض.
قوله: (فتلقى)، أي الكلمة التي يسترقها المستمع. قوله: (على فم الساحر) أي: المنجم، وفي الحديث: (المنجم ساحر)، وفي رواية سورة سبأ: (على لسان الساحر أو الكاهن)، وفي رواية سعيد بن منصور عن سفيان: (على الساحر أو الكاهن). قوله: (فيكذب معها)، أي: فيكذب الساحر مع تلك الكلمة الملقاة على فمه. قوله: (فيصدق)، على صيغة المجهول، أي: فيصدق الساحر في كذباته. قوله: (فيقولون) أي: السامعون منه: (ألم يخبرنا الساحر يوم كذا وكذا)، وهو بضم الياء من الإخبار قوله: (كذا)، كناية عن الخرافات التي يذكرها الساحر. قوله: (فوجدناه)، الضمير المنصوب فيه يرجع إلى ما أخبر به الساحر. قوله: (للكلمة التي) أي: لأجل الكلمة التي سمعت من السماء جعلوا كل أخباره حقا.
حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان حدثنا عمرو عن عكرمة عن أبي هريرة إذا قضى الله الأمر وزاد والكاهن.
هذا بعينه هو الإسناد الماضي ولكنه موقوف في معنى المرفوع، وزاد علي فيه لفظ الكاهن على الساحر.
(١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 ... » »»