عمدة القاري - العيني - ج ١٩ - الصفحة ٢٥٥
أشار به إلى قوله تعالى: * (ويقبض ما يمسكهن إلا الرحمن أنه بكل شيء بصير) * (تبارك: 91) وفسره بقوله: يضربن بأجنحتهن) المعنى: ما يمسك الطيور. أي: ما يحبسهن في حال القبض والبسط أن يسقطن، إلا الرحمن، ولم يثبت هذا لأبي ذر.
وقال مجاهد: صافات بسط أجنحتهن أي: قال مجاهد في قوله تعالى: * (أو لم يروا إلى الطير فوقهم صافات) * وقال: (صافات بسط أجنحتهن) يعني: في الطيران تطير وتقبض أجنحتها بعد انبساطها، ولم يثبت هذا أيضا لأبي ذر.
ونفور: الكفور أشار به إلى قوله تعالى: * (بل لجوا في عتو ونفور) * (تبارك: 12) وفسر النفور بالكفور، ورواه الحنظلي عن حجاج عن شبابة عن شبابة عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد. وقال الثعلبي: معنى عتو تماد في الضلال، ومعنى: نفور تباعد من الحق وأصله من النفرة.
86 ((* (سورة ن والقلم) *)) أي: هذا في تفسير بعض سورة * (نون والقلم) * (القلم: 1) ولم يقع لفظ: سورة إلا في رواية أبي ذر، وقال مقاتل: مكية كلها. وذكر ابن النقيب عن ابن عباس من أولها إلى قوله: * (سنسمه) * (القلم: 61) مكي، ومن بعد ذلك إلى قوله: * (لو كانوا يعلمون) * (القلم: 33) مدني، وقال السخاوي: نزلت بعد سورة المزمل وقبل المدثر: وهي ألف ومائتان وستة وخمسون حرف وثلاثمائة كلمة، واثنتان وخمسون آية.
واختلف المفسرون في معناه فعن مجاهد ومقاتل والسدي وآخرين: هو الحوت الذي يحمل الأرض، وهي رواية عن ابن عباس، واختلف في اسمه، فعن الكلبي ومقاتل: يهموت، وعن الواقدي: ليوثا وعن علي: بلهوت، وقيل: هي حروف الرحمن، وهي رواية عن ابن عباس قال: الر 1764; و ح 1764; م، ونون حروف الرحمان مقطعة، وعن الحسن وقتادة والضحاك: النون، الدواء وهي رواية عن ابن عباس أيضا. وعن معاوية بن قرة: لوح من نور رفعه الله إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وعن ابن كيسان: هو قسم أقسم الله به، وعن عطاء افتتاح اسمه نور وناصر ونصير، وعن جعفر: نون نهر في الجنة.
(بسم الله الرحمن الرحيم).
لم تثبت البسملة إلا لأبي ذر.
وقال قتادة حرد: جد في أنفسهم أشار به قتادة إلى قوله تعالى: * (وغدوا على جرد قادرين) * (القلم: 52) وفسر قوله: (جرد) بقوله: (جد) بكسر الجيم وتشديد الدال وهو الاجتهاد، والمبالغة في الأمر، وقال ابن التين: وضبط في بعض الأصول بفتح الجيم رواه عبد الرزاق في (تفسيره) عن معمر عن قتادة. وقال الثعلبي: على قدرة قادرين على أنفسهم، وعن النخعي ومجاهد وعكرمة على أمر مجمع قد أسسوه بينهم وعن سفيان على حنق وغضب، وعن أبي عبيدة على منع.
وقال ابن عباس: لضالون: أضللنا مكان جنتنا أي: قال ابن عباس، رضي الله تعالى عنهما، في قوله تعالى: * (فلما رأوها قالوا إنا لضالون) * (القلم: 62) أي: أضللنا مكان جنتنا، رواه ابن أبي حاتم من طريق ابن جريج عن عطاء عنه، والضمير في قوله: * (فلما رأوها) * يرجع إلى الجنة في قوله: * (إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة) * (القلم: 71) يعني: امتحنا واختبرنا أهل مكة بالقحط والجوع (كما بلونا) أي: كما ابتلينا أصحاب الجنة. قال ابن عباس: بستان باليمن يقال له الضروان دون صنعاء بفرسخين وكانوا حلفوا أن لا يصرمن نخلها إلا في الظلمة قبل خروج الناس من المساكن إليها، فأرسل الله عليها نارا من السماء فأحرقتها وهم نائمون، فلما قاموا وأتوا إليها رأوها قالوا:
إنا لضالون وليست هذه جنتنا. قوله: (أضللنا)، قال بعضهم: زعم بعض الشراح أن الصواب في هذا أن يقال: ضللنا، غير ألف. تقول: ضللت الشيء إذا جعلته في مكن ثم لم تدر أين هو، وأضللت الشيء إذا ضيعته. ثم قال: والذي وقع في الرواية صحيح المعنى. أي: عملنا عمل من ضيع، ويحتمل أن يكون بضم أول أضللنا. انتهى. قلت: أراد ببعض الشراح الحافظ الدمياطي فإنه قال هكذا والذي قاله هو الصواب لأن اللغة تساعده، ولكن الذي اختاره هذا القائل من الوجهين اللذين ذكرهما بعيد جدا. أما الأول: فليس
(٢٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 ... » »»