عمدة القاري - العيني - ج ١٩ - الصفحة ٢٥٣
أذى النبي صلى الله عليه وسلم فإن الله هو مولاه أي: ناصره وحافظه فلا تضره المظاهرة منكما وجبريل، عليه الصلاة والسلام، وليه وصالح المؤمنين أبو بكر، رضي الله تعالى عنه، قاله المسيب بن شريك. وقال سعيد بن جبير: هو عمر، رضي الله تعالى عنه، وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه علي بن أبي طالب، رضي الله تعالى عنه، وعن الكلبي: هم المؤمنون المخلصون الذين ليسوا بمنافقين، وعن قتادة هم الأنبياء، عليهم الصلاة والسلام، قوله: (والملائكة بعد ذلك)، أي: بعد نصر الله وجبريل وصالح المؤمنين. (ظهير) أي: أعوان، ولم يقل: وصالحوا المؤمنين، ولا ظهرا، لأن لفظهما وإن كان واحدا، فهو بمعنى الجمع. قوله: (تظاهرون) تفسيره: تعاونون، وفي بعض النسخ: تظاهرا تعاونا.
وقال مجاهد: * (قوا أنفسكم وأهليكم) * (التحريم: 6) أوصوا أنفسكم وأهليكم بتقوى الله وأدبوهم.
أي: قال مجاهد في قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة) * (التحريم: 6) أوصوا أنفسكم من الإيصاء المعنى: أوصوا أنفسكم بترك المعاصي. وفعل الطاعات. قوله: (وأهليكم) يعني: مروهم بالخير وانهوهم عن الشر وعلموهم وأدبوهم، هذا هو المعنى الصحيح الذي ذكره المفسرون، وقال الزمخشري: قوا أنفسكم بترك المعاصي وفعل الطاعات وأهليكم بأن تأخذوهم بما تأخذون به أنفسكم وقرئ: وأهلوكم، عطفا على واو قوا، كأنه قيل:
قوا أنتم، وأهلوكم أنفسكم وذكر الشراح هنا أشياء متعسفة، أكثرها خارج عما تقتضيه القواعد فمن ذلك ما ذكره ابن التين بلفظ، قوا أهليكم. أوفقوا أهليكم، ونسب القاضي عياض هذه الرواية هكذا اللقايسي وابن السكن. ثم قال ابن التين صوابه: أوفوا، قال: ونحو ذلك ذكر النحاس ولا أعرف للألف من أو ولا للفاء من قوله: فقوا، وجها. قلت: كأنه جعل قوله: أوفقوا، كلمتين إحداهما كلمة أو، والثانية كلمة فقوا. وأصله بتقديم الفاء على القاف، ثم ذكر أشياء متكلفة لم يذكرها أحد من المفسرين وذلك كله نشأ أمن جعله: أو فقوا. كلمتين وجعل الفاء مقدمة على القاف، وليس كذلك فإنه كلمة واحدة والقاف مقدمة على الفاء. والمعنى: أوقفوا أهليكم عن المعاصي وامنعوهم، وقال ابن التين والصواب على هذا حذف في الألف لأنه ثلاثي من نوقف. قلت: لمن جعل هذا كلمة أن يقول لا نسلم أنه من: وقف، بل من: الإيقاف من المزيد لا من الثلاثي.
5194 حدثنا الحميدي حدثنا سفيان حدثنا يحيى بن سعيد. قال سمعت عبيد بن حنين يقول سمعت ابن عباس يقول أردت أن أسأل عمر عن المرأتين اللتين تظاهر بما على رسول الله صلى الله عليه وسلم فمكثت سنة فلم أجد له موضعا حتى خرجت معه حاجا فلما كنا بظهران ذهب عمر لحاجته فقال أدركني بالوضوء فأدركته بالإداوة فجعلت أسكب عليه الماء ورأيت موضعا فقلت يا أمير المؤمنين من المرأتان اللتان تظاهرتا قال ابن عباس فما أتممت كلامي حتى قال عائشة وحفصة .
مطابقته للترجمة ظاهرة. لا تخفى على المتأمل، والحميدي عبد الله بن الزبير، وسفيان هو ابن عيينة، ويحى بن سعيد هو القطان الأنصاري.
والحديث قد مضى في باب: * (نبتغي مرضات أزواجك) * (التحريم: 1) ومضى الكلام فيه هناك، قوله: (بظهران)، بفتح الظاء المعجمة وسكون الهاء وبالراء والنون، بقعة بين مكة والمدينة غير منصرف. قوله (بوضوء) بفتح الواو. وهو الماء الذي يتوضأ به. قوله: (بالإداوة) بكسر الهمزة وهي المطهرة قوله: (يا أمير المؤمنين) بحذف الألف من أمير للتخفيف.
5 ((باب قوله: * (عسى ربه أن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سابحات ثيبات وأبكارا) *)) (التحريم: 5) أي: هذا باب في قوله عز وجل: * (عسى ربه) * أي: رب النبي صلى الله عليه وسلم، هذا إخبار عن القدرة وتخويف لهم لا أن في الوجود
(٢٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 ... » »»