عمدة القاري - العيني - ج ١٩ - الصفحة ١٦١
* (أول العابدين) * أي: ما كان فأنا أول الآنفين وهما لغتان رجل عابد وعبد، وقرأ عبد الله وقال الرسول يا رب ويقال أول العابدين الجاحدين من عبد يعبد قد مر عن قريب. قوله: * (أول العابدين) * أول المؤمنين، ومضى الكلام فيه، وأعاد هنا أيضا لأجل معنى آخر على ما لا يخفى ولكنه لو ذكر كله في موضع واحد لكان أولى، وفسر هنا. أول العابدين، بقوله: أي ما كان فأنا أول الآنفين. فقوله: (أي ما كان) تفسير قوله: * (إن كان للرحمن ولد) * وكلمة أن نافية أي: ما كان له ولد قوله: (فأنا أول الآنفين) تفسير قوله: (أول العابدين) لأن العابدين هنا مشتق من عبد بكسر الباء إذا أنف واشتدت أنفته. قوله: (وهما لغتان)، يعني: عابد وعبد، فالأول بمعنى المؤمن، والثاني بمعنى الآنف، وعبد بكسر كذا بخط الدمياطي، وقال ابن التين: ضبط بفتحها، وقال: وكذا ضبط في كتاب ابن فارس، وقال الجوهري: العبد، بالتحريك: الغضب، وعبد بالكسر إذا أنف. قوله: (من عبد يعبد)، بمعنى: جحد بكسر الباء في الماضي وفتحها في المضارع هكذا هو في أكثر النسخ، ويروى بالفتح في الماضي والضم في المضارع، وجاء الكسر في المضارع أيضا وقال ابن التين، ولم يذكر أهل اللغة عبد بمعنى جحد، ورد عليه بما ذكره محمد بن عزيز السجستاني صاحب (غريب القرآن) أن معنى العابدين الآنفين الجاحدين، وفسر على هذا * (إن كان له ولد فأنا أول الجاحدين) * وهذا معروف من قول العرب إن كان هذا الأمر قط يعني: ما كان، وعن السدي: إن بمعنى: لو أي لو كان للرحمن ولد كنت أول من عبده بذلك، لكن لا ولد له. وقال أبو عبيدة، إن بمعنى: ما والفاء بمعنى: الواو. أي: ما كان للرحمن ولد وأنا أول العابدين. قوله: (وقرأ عبد الله)، يعني: ابن مسعود، وقال الرسول: يا رب موضع * (وقيله يا رب) * (الزخرف: 88) وكان ينبغي أن يذكر هذا عند قوله: (وقيله يا رب)، على ما لا يخفى.
وقال قتادة في أم الكتاب: جملة الكتاب أصل الكتاب.
أشار به إلى قوله تعالى: * (وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم) * (الزخرف: 4) وفسر قتادة بقوله جملة الكتاب وأصله وقال المفسرون أم الكتاب اللوح المحفوظ الذي عند الله تعالى منه نسخ.
2 ((باب: * (أفنضرب عنكم الذكر صفحا إن كنتم قوما مسرفين) * (الزخرف: 5) مشركين والله لو أن هذا القرآن رفع حيث رده أوائل هذه الأمة لهلكوا)) مر الكلام فيه عن قريب في قوله: * (أفنضرب عنكم الذكر) * أي: يكذبون بالقرآن. قوله: (إن كنتم)، يعني: بأن كنتم على معنى المضي، وقيل: معناه: إذ كنتم. كما في قوله تعالى: * (وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين) * (البقرة: 872) وقوله: إن أردن تحصنا. قوله: (مسرفين)، أي: مشركين مجاوزين الحد وأمر الله تعالى، وقال قتادة: والله لو كان هذا القرآن رفع حين رده أوائل هذه الأمة لهلكوا ولكن الله عز وجل عاد بعبادته ورحمته فكرره عليهم ودعاهم إليه عشرين سنة أو ما شاء الله من ذلك.
* (فأهلكنا أشد منهم بطشا ومضى مثل الأولين) * (الزخرف: 8) عقوبة الأولين كذا روي عن قتادة، رواه عبد الرزاق عن معمر عنه، وفسر: (مثل الأولين) بقوله: (عقوبة الأولين).
جزءا عدلا أشار به إلى قوله عز وجل: * (وجعلوا له من عباده جزءا إن الإنسان لكفور مبين) * (الزخرف: 51) وفسر جزءا بقوله: (عدلا) بكسر العين، وكذا رواه عبد الرزاق عن معمر عن قتادة، وفي التفسير: أي: نصيبا وبعضا. وذلك قولهم: الملائكة بنات الله تعالى الله عن ذلك.
قوله: (وجعلوا)، أي: المشركون. قوله: (له)، أي: الله تعالى.
44 ((* (سورة ح 1764; م الدخان) *)) : هذا في تفسير بعض سورة ح 1764; م الدخان، وفي بعض النسخ: الدخان بدون لفظ: ح 1764; م، وفي أكثر النسخ سورة ح 1764; م الدخان، قال مقاتل: مكية كلها. وقال أبو العباس: لا خلاف في ذلك، وهي ألف وأربعمائة وواحد وثلاون حرفا وثلاثمائة وست وأربعون كلمة وتسع وخمسون آية وروى الترمذي مرفوعا من حديث أبي هريرة: من قرأ ح 1764; م الدخان في ليلة أصبح يستغفر له سبعون
(١٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 ... » »»