عمدة القاري - العيني - ج ١٩ - الصفحة ١٦٥
الذكرى والاتعاظ بعد نزول البلاء وحلول العذاب، قوله: * (رسول مبين) * محمد صلى الله عليه وسلم.
الذكر والذكرى واحد أي: في المعنى والمصدرية. قال الجوهري: الذكر والذكرى بالكسر نقيض النسيان وكذلك الذكرة.
3284 حدثنا سليمان بن حرب حدثنا جرير بن حازم عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق قال دخلت على عبد الله ثم قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دعا قريشا كذبوه واستعصوا عليه فقال اللهم أعني عليهم بسبع فأصابتهم سنة حصت يعني كل شيء حتى كانوا يأكلون الميتة فكان يقوم أحدهم فكان يرى بينه وبين السماء مثل الدخان من الجهد والجوع ثم قرأ: * (فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين يغشى الناس هاذا عذاب أليم) * حتى بلغ: * (إنا كاشفوا العذاب قليلا إنكم عائدون) * (الرحمان: 1، 11) حتى بلغ: * (إنا كاشفوا العذاب قليلا إنكم عائدون) * قال عبد الله أفيكشف عنهم العذاب يوم القيامة قال والبطشة الكبرى يوم بدر.
.
هذا طريق آخر في حديث عبد الله المذكور، ومضى الكلام فيه. قوله: (حصت)، بالمهملتين أي: أذهبت، وسنة حصاء أي: جرداء لا خير فيها. قوله: (والبطشة الكبرى) تفسير قوله تعالى: * (يوم نبطش البطشة الكبرى) * (الدخان: 61).
5 ((باب: * (ثم تولوا عنه وقالوا معلم مجنون) * (الدخان: 41)) أي: هذا باب في قوله تعالى: * (ثم تولوا عنه) * أي: أعرضوا عن الرسول فلم يقبلوه * (وقالوا: معلم مجنون) * بادعائه النبوة.
4284 حدثنا بشر بن خالد أخبرنا محمد عن شعبة عن سليمان ومنصور عن أبي الضحى عن مسروق قال قال عبد الله إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم وقال: * (قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين) * (ص 1764;: 68) فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى قريشا استعصوا عليه فقال اللهم أعني عليهم سبع كسبع يوسف فأخذتهم السنة حتى حصت كل شيء حتى أكلوا العظام والجلود فقال أحدهم حتى أكلوا الجلود والميتة وجعل يخرج من الأرض كهيئة الدخان فأتاه أبو سفيان فقال: أي محمد: إن قومك قد هلكوا فادع الله أن يكشف عنهم فدعا ثم قال تعودوا بعد هاذا في حديث منصور ثم قرأ: * (فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين) * إلى * (عائذون) * أيكشف عذاب الآخرة فقد مضى الدخان والبطشة واللزام: وقال أحدهم القمر وقال الآخر الروم.
.
هذا طريق آخر في الحديث المذكور أخرجه عن بشر، بكسر الباء الموحدة وسكون الشين المعجمة ابن خالد بن محمد العسكري عن محمد بن جعفر وهو غندر عن شعبة عن سليمان الأعمش، ومنصور بن المعتمر كلاهما عن أبي الضحى مسلم عن مسروق عن عبد الله بن مسعود.
قوله: (وجعل يخرج من الأرض)، فاعل جعل محذوف تقديره جعل شيء يخرج من الأرض فإن قلت: بينه وبين قوله: فكان يرى بينه وبين السماء مثل الدخان تدافع ظاهر. قلت: لا تدافع إذ لا محذور أن يكون مبدأه الأرض ومنتهاه ذلك. فإن قلت: لفظ يخرج يدل على أن ثمة كان أمرا متخيلا لهم لشدة حرارة الجوع. قلت: يحتمل أن يكون ثمة خارج من الدخان حقيقة وأنهم كانوا يرون بينهم وبين السماء مثله لفرط حرارتهم من المجاعة، أو كان يخرج من الأرض على حسبانهم التخيل من غشاوة أبصارهم من فرط الجوع. قوله: (أي محمد)، يعني: يا محمد. قوله: (إن قومك)، وفي الرواية الماضية
(١٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 ... » »»