عمدة القاري - العيني - ج ١٩ - الصفحة ١٥٨
الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه بما لا يحسن اعتراضا مع تنافر النظم، وقرأ الباقون بفتح اللام والأوجه أن يكون الجر والنصب على إضمار حرف القسم وحذفه، ويكون قوله: إن هؤلاء قوم، جواب القسم كأنه قيل: وأقسم بقيله يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون، والضمير في قيله. للرسول، وأقسام الله بقيله رفع منه وتعظيم لرعايته والتجائه إليه.
وقال ابن عباس: * (ولولا أن يكون الناس أمة واحدة) * لولا أن جعل الناس كلهم كفارا لجعلت لبيوت الكفار سقفا من فضة ومعارج من فضة وهي درج: وسرر فضة.
أي: قال ابن عباس في قوله تعالى: * (ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون) * وقد فسر ابن عباس هذه الآية بما ذكره البخاري بقوله: لولا أن جعل الناس إلى آخره، وهذا رواه ابن جرير عن أبي عاصم، حدثنا يحيى حدثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عنه، وفي التفسير: لولا أن يكون الناس مجتمعين على الكفر فيصيروا كلهم كفارا. قاله أكثر المفسرين، وعن ابن زيد، يعني لولا أن يكون الناس أمة واحدة في طلب الدنيا واختيارها على العقبى لجعلنا لمن يكفر بالرحمن، لبيوتهم، بدل اشتماله من قوله: لمن يكفر، ويجوز أن يكونا بمنزلة اللامين في قولك: وهبت له ثوبا لقميصه. قوله: (سقفا)، قرأ ابن كثير وأبو عمر وبفتح السين على الواحد ومعناه الجمع، والباقون بضم السين، والقاف على الجمع، وقيل: هو جمع سقوف جمع الجمع. قوله: (ومعارج) يعني: مصاعد ومراقي ودرجا وسلاليم، وهو جمع معرج، واسم جمع لمعراج. قوله: (عليها يظهرون) أي: على المعارج يعلونها يعني: يعلون سطوحها.
مقرنين مطيقين أشار به إلى قوله تعالى: * (سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين) * (الزخرف: 31) وفسره بقوله: (مطيقين) وكذا رواه الطبري بإسناده عن ابن عباس وفي التفسير: مقرنين أي: مطيقين ضابطين قاهرين، وقيل: هو من القرن، كأنه أراد: وما كنا له مقاومين في القوة.
آسفونا أسخطونا أشار به إلى قوله تعالى: * (فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين) * (الزخرف: 55) وفسره: (آسفونا) بقوله: (أسخطونا) كذا فسره ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فيما رواه ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلة، عنه وقيل: معناه أغضبونا. وقيل: خالفونا والكل متقارب.
يعش يعمى أشار به إلى قوله تعالى: * (ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين) * وفسر: (يعش) بقوله: (يعمى) من عشا يعشو، وهو النظر ببصر ضعيف، وقراءة العامة بالضم، وقرأ ابن عباس بالفتح أي: يظلم عنه ويضعف بصره، وعن القرظي: ومن يول ظهره، (وذكر الرحمن) هو القرآن. قوله: (نقيض له) أي: نضمه إليه ونسلطه عليه، (فهو له قرين) فلا يفارقه.
وقال مجاهد: * (أفنضرب عنكم الذكر) * (الزخرف: 5) أي تكذبون بالقرآن ثم لا تعاقبون عليه.
أي: قال مجاهد في قوله تعالى: * (أفنضرب عنكم الذكر صفحا إن كنتم قوما مسرفين) * وفسره بقوله: * (أي تكذبون بالقرآن ثم لا تعاقبون) *؟ يعني: أفنعرض عن المكذبين بالقرآن ولا تعاقبهم؟ وقيل: معناه أفنضرب عنكم العذاب ونمسك ونعرض عنكم ونترككم فلا نعاقبكم على كفركم، وروي هذا أيضا عن ابن عباس، والسدي، وعن الكسائي: أفنطوي عنكم الذكر طيا فلا تدعون ولا توعظون؟ وهذا من فصيحات القرآن، والعرب تقول لمن أمسك على الشيء ما أعرض عنه صفحا والأصلح في ذلك أنك إذا أعرضت عنه وليته صفحة عنقك، وضربت عن كذا وأضربت إذا تركته، وأمسكت عنه، وليس في بعض النسخ، وقال مجاهد.
ومضى مثل الأولين سنة الأولين أشار به إلى قوله: * (فأهلكنا أشد منهم بطشا ومضى مثل الأولين) * وفسره بقوله: (سنة الأولين) وقيل: سنتهم وعقوبتهم.
* (وما كنا له مقرنين) * يعني الإبل والخيل والبغال والحمير
(١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 ... » »»