صاحب (الكشاف)، فعلى هذا يكون المحذوف مفعولا واحدا، والتقدير: ليوافق كل منكما الأخرى. قالتا: فوافقنا، وعلى الأول يكون المحذوف مفعولين، والتقدير: أعطيا من أمركما الطاعة من أنفسكما، قالتا: أعطيناه الطاعة، وإنما جمع: طائعين، بالياء والنون، وإن كان هذا الجمع مختصا بمن يعقل، لأن معناه آتينا بمن فيهما، أو لأنه لما أخبر عنه بفعل من يعقل جاء فيهن بالياء والنون، كما في قوله: * (رأيتهم لي ساجدين) * (يوسف: 4). وأجاز الكسائي أن يجمع بالياء والنون والواو والنون، وفيه بعد.
وقال المنهال عن سعيد قال قال رجل لابن عباس إني أجد في القرآن أشياء تختلف علي، قال: * (فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون) * (المؤمنون: 101) و * (أقبل بعضهم على بعض يتساءلون) * (الصافات: 72 و 05 والطور: 52). * (ولا يكتمون الله حديثا) *. * (ولا يكتمون الله حديثا) * (النساء: 24) * (والله ربنا ما كنا مشركين) * (الأنعام: 32) فقد كتموا في هاذه الآية، وقال: * (أم السماء بناها) * إلى قوله: * (دحاها) * (النازعات: 72 و 03) فذكر خلق السماء قبل خلق الأرض، ثم قال: * (أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين) * إلى * (طائعين) * (فصلت: 9 و 11) فذكر في هاذه خلق الأرض قبل السماء، وقال تعالى: * (وكان الله غفورا رحيما) *. عزيزا حكيما. سميعا بصيرا. فكأنه كان ثم مضى، فقال: فلا أنساب بينهم في النفخة الأولى * (ثم ينفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله فلا أنساب بينهم عند ذالك ولا يتساءلون) * ثم في النفخة الآخرة. * (أقبل بعضهم على بعض يتساءلون) * وأما قوله: * (ما كنا مشركين) *. * (ولا يكتمون الله حديثا) * فإن الله يغفر لأهل الإخلاص ذنوبهم، وقال المشركون: تعالوا نقول: لم نكن مشركين، فختم على أفواههم فتنطق أيديهم فعند ذالك عرف أن الله لا يكتم حديثا. وعنده: * (يود الذين كفروا) * (النساء: 24). و * (خلق الأرض في يومين ثم خلق السماء ثم استوى إلى السماء فسواهن في يومين آخرين ثم دحا الأرض ودحوها أن أخرج منها الماء والمرعى وخلق الجبال والجمال والآكام وما بينهما في يومين آخرين) * فذلك قوله: * (دحاها) * وقوله: * (خلق الأرض في يومين) * (فصلت: 9) فجعلت الأرض وما فيها من شيء في أربعة أيام وخلقت السماوات في يومين وكان الله غفورا سمى نفسه بذلك وذلك. قوله: أي لم يزل كذلك فإن الله لم يرد شيئا إلا أصاب به الذي أراد، فلا يختلف عليك القرآن، فإن كلا من عند الله.
لما ذكر الله تعالى في هذه السورة الكريمة خلق السماوات والأرض ذكر ما علقه من المنهال أولا، ثم أسنده عقيبه، وهو بكسر الميم وسكون النون: ابن عمرو الأسدي مولاهم الكوفي، صدوق من طبقة الأعمش وثقه ابن معين والنسائي والعجلي وآخرون، وتركه شعبة لأمر لا يوجب فيه قدحا، وليس له في البخاري سوى هذا الحديث، وآخر تقدم في قصة إبراهيم عليه السلام. قوله: (عن سعيد)، هو ابن جبير، وصرح به الأصيلي والنسفي في روايتهما. قوله: (قال: قال رجل)، الظاهر أنه نافع بن الأزرق الذي صار بعد ذلك رأس الأزارقة من الخوارج، وكان يجالس ابن عباس بمكة ويسأله ويعارضه، وحاصل سؤاله في أربعة مواضع على ما نذكره. قوله: (يختلف علي)، أي: يشكل ويضطرب علي، إذ بين ظواهرها تناف وتدافع، أو تفيد شيئا لا يصح عقلا: الأول: من الأسئلة قال: * (فلا أنساب بينهم) * إلى قوله: * (ولا يتساءلون) * فإن بين قوله: ولا يتساءلون، وبين قوله: يتساءلون، تدافعا ظاهرا. الثاني: قوله: * (ولا يكتمون الله حديثا) * فإن بينه وبين قوله: * (ما كنامشركين) * تدافعا ظاهرا لأنه علم من الأول أنهم لا يكتمون الله حديثا، ومن الثاني: أنهم يكتمون كونهم مشركين. الثالث: قوله: * (أم السماء بناها) * إلى قوله: قبل خلق السماء