عمدة القاري - العيني - ج ١٩ - الصفحة ١٦٤
مختصرا، وفي تفسير الروم وفي تفسير صاد مطولا.
قوله: (إنما كان هذا)، يعني: القحط والجهد اللذين أصابا قريشا حتى رأوا بينهم وبين السماء كالدخان. قوله: (لما استعصوا)، أي: حين أظهروا العصيان ولم يتركوا الشرك. قوله: (كسني يوسف)، وهي التي أخبر الله تعالى عنها بقوله: * (ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد) * (يوسف: 84). قوله: (فأصابهم)، تفسير لما قبله، فلذلك أتى بالفاء. قوله: (جهد)، بالفتح وهو المشقة الشديد. قوله: (فأني)، بضم الهمزة على صيغة المجهول، والآتي هو أبو سفيان وكان كبير مضر في ذلك الوقت. قوله: (قال لمضر) أي: لأبي سفيان، وأطلق عليه مضر لكونه كبيرهم والعرب تقول قتل قريش فلانا يريدون به شخصا معينا منهم، وكثيرا يضيفون الأمر إلى القبيلة والأمر في الواقع مضاف إلى واحد منهم. قوله: (إنك لجريء) أي: ذو جرأة حيث تشرك بالله وتطلب الرحمة منه، وإذا كشف عنكم العذاب إنكم عائدون إلى شرككم والإصرار عليه، قوله: (فسقوا) بضم السين والقاف على صيغة المجهول. قوله: (الرفاهية)، يتخفيف الفاء وكسر الهاء وتخفيف الياء آخر الحروف، وهو التوسع والراحة.
3 ((باب قوله تعالى: * (ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون) * (الدخان: 21)) قال الله تعالى حكاية عن المشركين لما أصابهم قحط وجهد (قالوا ربنا اكشف عنا العذاب) وهو القحط الذي أكلوا فيه الميتات والجلود. قالوا: * (إنا مؤمنون) * قال الله عز وجل: * (إنا كاشفو العذاب قليلا إنكم عائدون) * (الدخان: 51) أي: إلى كفرهم، فعادوا فانتقم الله منهم يوم بدر.
2284 حدثنا يحيى حدثنا وكيع عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق قال دخلت على عبد الله فقال إن من العلم أن تقول لما لا تعلم الله أعلم إن الله قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: * (قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين) * (ص 1764;: 68) إن قريشا لما غلبوا النبي صلى الله عليه وسلم واستعصوا عليه قال اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف فأخذتهم سنة أكلوا فيها العظام الميتة من الجهد حتى جعل أحدهم يرى ما بينه وبين السماء كهيئة الدخان من الجوع، * (قالوا ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون) * فقيل له أنا إن كشفنا عنهم عادوا فدعا ربه فكشف عنهم فعادوا فانتقم الله منهم يوم بدر فذلك قوله تعالى: * (يوم تأتي السماء بدخان مبين) * (الدخان: 61) إلى قوله جل ذكره * (إنا منتقمون) *.
.
هذا طريق آخر في حديث ابن مسعود المذكور، ويحيى شيخه هو المذكور في الحديث السابق، وبقية رجاله قد ذكروا عن قريب.
قوله: (لما لا تعلم)، تعريض بالرجل القاض الذي كان يقول: يجيء يوم القيامة كذا، فأنكر ابن مسعود ذلك، وقال: لا تتكلفوا فيما لا تعلمون، وبين قصة الدخان، وقال: إنه كهيئته وذلك قد كان ووقع قلت: فيه خلاف فإنه روى عن ابن عباس وابن عمر وزيد بن علي والحسن: إنه دخان يجيء قبل قيام الساعة، والله أعلم. قوله: (لما غلبوا النبي صلى الله عليه وسلم) ويرى: (لما غلبوا على النبي صلى الله عليه وسلم)، والمراد من هذه الغلبة خروجهم عن الطاعة وتماديهم في الكفر. وقوله: (واستعصوا) يوضح ذلك. قوله: (سنة) بفتح السين. قوله: (والميتة) بفتح الميم وسكون الياء آخر الحروف، وفتح التاء المثناة من فوق، وقيل: بكسر النون موضع الياء التي في الميتة وسكون الياء آخر الحروف وهمزة، وهو: الجلد أول ما يدبغ قوله: (من الجهد) بضم الجيم وفتحها لغتان، وقيل: بالضم الجوع، وبالفتح المشقة.
4 ((باب: * (أنى لهم الذكرى وقد جاءهم رسول مبين) * (الدخان: 31)) أي: هذا باب في قوله عز وجل: * (أنى لهم الذكرى) *، وفي بعض النسخ ليس فيه لفظ باب قوله: * (أنى لهم الذكرى) * أي: من أين لهم
(١٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 ... » »»