ربكم فيقولون لا نشرك بالله شيئا مرتين أو ثلاثا.
مطابقته للترجمة من حيث إن المفهوم من معناه أن الله تعالى يحكم يوم القيامة بين عباده المؤمنين والكافرين بعدله العظيم ولا يظلم أحدا منهم مثقال ذرة ولم أر أحدا من الشراح ذكر وجه المطابقة ولا انصف في شرح هذا الحديث، فمنهم من علقه بشيء لم يمض، ومنهم من علقه بالمستقبل يذكر فيه، ومنهم من شرح بعضا دون بعض، فنقول بعون الله ولطفه. إن شيخه فيه محمد ابن عبد العزيز أبو عبد الله الرملي يعرف بابن الواسطي لأن أصله من واسط وثقه العجلي ولينه أبو زرعة، وأبو حاتم، وليس له في البخاري إلا هذا الحديث وآخر في الاعتصام، وحفص بن ميسرة، ضد الميمنة، وعطاء بن يسار ضد اليمين، وأبو سعيد الخدري اسمه سعد بن مالك الأنصاري.
والحديث أخرجه البخاري أيضا في التوحيد عن يحيى بن بكير، وأخرجه مسلم في الإيمان عن سويد بن سعيد وغيره.
قوله: (نعم) أي: نعم ترون ربكم يوم القيامة وهذه الرؤية غير الرؤية التي هي ثواب للأولياء وكرامة لهم في الجنة إذ هذه للتمييز بين من عبد الله وبين من عبد غيره، وفيه رد على أهل البدع من المعتزلة والخوارج وبعض المرجئة في قولهم: إن الله لا يراه أحد من خلقه، وأن رؤيته مستحيلة عقلا وهذا الذي قالوه خطأ صريح وجهل قبيح. وقد تظاهرت أدلة الكتاب والسنة وإجماع الصحابة فمن بعدهم من سلف الأمة على إثبات رؤية الله تعالى في الآخر للمؤمنين. ورواها نحو من عشرين صحابيا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والكلام فيه مستقصى في كتب الكلام. وأما رؤية الله في الدنيا فممكنة ولكن الجمهور من السلف والخلف من المتكلمين. وغيرهم على أنها لا تقع في الدنيا، وحكى الإمام القشيري في (رسالته) عن الإمام أبي بكر بن فورك أنه حكي فيها قولين للإمام أبي الحسن الأشعري: أحدهما: وقوعها. والآخر: أنها لا تقع قوله: (هل تضارون في ضبطه روايات) الأولى: تضارون بضم أوله وضم رائه من غير تشديد من الضير وهو المضرة كما في قوله تعالى. قالوا: (لا ضير) أي: لا ضرر، ومعناه: هل يلحقكم في رؤيته ضير أي: ضرر. الثانية: هل تضارون بفتح التاء وتشديد الضاد والراء من الضرر. ومعناه هل تضارون غيركم في حال الرؤية بزحمة ومخالفة في رؤية غيرها أو لخفائه كما يفعلون أول ليلة من الشهر، وقال الخطابي: وأصله هل تتضارون. أي: تتزاحمون عند رؤيته حتى يلحقكم الضرر، ووزنه تتفاعلون، فحذفت إحدى التاءين. الثالثة: تضامون، بتشديد الميم وفتح أوله: ومعناه هل تتضامون وتتوصلون إلى رؤيته، وأصله من الانضمام. الرابعة: هل تضامون، بضم التاء وتخفيف الميم من الضيم، وهو المشقة والتعب، وأورد الثالثة والرابعة في غير هذا الموضع. قوله: (بالظهيرة)، وهي اشتداد حر الشمس في نصف النهار. ولا يقال ذلك في الشتاء. قوله: (ضوء)، بالجر بدل عما قبله في الموضعين. قوله: (إلا كما تضارون)، التشبيه إنما وقع في الوضوح وزوال الشك والمشقة والاختلاف لا في المقابلة والجهة وسائر الأمور التي جرت العادة بها عند الرؤية. قوله: (أذن مؤذن)، أي: نادى مناد. قوله: (تتبع)، بالرفع ويروى بالجزم بتقدير اللام كما في قوله: تعالى * (قل لعبادي الذين يقيموا الصلاة) * قوله (من الأصنام والأنصاب) والأصنام جمع صنم قال ابن الأثير الصنم اتخذ إلاها من دون الله، وقيل: هو ما كان له جسم أو صورة فإن لم يكن له جسم أو صورة فهو وثن، والأنصاب جمع نصب، بضم الصاد وسكونها، وهو حجر كانوا ينصبونه في الجاهلية ويتخذونه صنما يعبدونه، وقيل: هو حجر كانوا ينصبونه ويذبحون عليه فيحمر بالدم. قوله: (برا وفاجرا)، أي: هو برا وهو فاجر، والبر هو الذي يأتي بالخير ويطيع ربه، يقال: فلان يبر خالقه ويتبرره، أي: يطيعه ويجمع على أبرار، والبار يجمع على بررة، والفاجر المنبعث في المعاصي والمحارم من فجر يفجر، من باب نصر ينصر فجورا قوله: (وغبرات أهل الكتاب) بضم الغين المعجمة وتشديد الباء الموحدة المفتوحة بعدها راء جمع غبر، وهو جمع غابر والمعنى: بقايا أهل الكتاب، من غبر الشيء يغبر غبورا إذا مكث وبقي، والغابر هو الماضي. قال الأزهري: هو من الأضداد ثم قال: والمعروف الكثير أن الغابر هو الباقي. قوله: (فيقال لهم: كذبتم)، قال الكرماني: التصديق والتكذيب راجعان إلى الحكم الموقع لا إلى الحكم المشار إليه لأنه إذا قيل: زيد بن عمر وجاء فكذبته فقد أنكرت المجيء لا كونه ابن عمرو، وأجاب بقوله: نفي اللازم هو كونه ابن الله تعالى ليلزم نفي الملزوم وهو عبادة ابن الله، أو نقول: الرجوع المذكور هو مقتضى الظاهر وقد يتوجه