عمدة القاري - العيني - ج ١٨ - الصفحة ٢٧٨
18 ((باب: * (وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم) * (التوبة: 118)) لم يذكر هنا لفط باب، والآية المذكورة بتمامها في رواية الأكثرين، وفي رواية أبي ذر إلى قوله: (بما رحبت) الآية. قوله: (وعلى الثلاثة)، أي: وتاب الله على الثلاثة، وهم كعب بن مالك ومرارة بن الربيع وهلال بن أمية. قوله: (خلفوا) أي: عن الغزو، وقرئ: خلفوا، بفتح الخاء واللام المخففة. أي: خلفوا المغازين بالمدينة وفسدوا من الخالفة وخلوف الفم، وقرأ جعفر الصادق: خالفوا وقرأ الأعمش: وعلى الثلاثة المخلفين. قوله: (بما رحبت) أي: برحبها أي: بسعتها وهو مثل للحيرة في أمرهم كأنهم لا يجدون فيها مكانا يقرون فيها قلقا وجزعا مما هم فيه. قوله: (أنفسهم) أي: قلوبهم لا يسعها أنس ولا سرور. قوله: (وظنوا) أي: علموا أن لا ملجأ من سخط الله إلا إلى الله بالاستغفار قوله: (ثم تاب عليهم) أي: ثم رجع عليهم بالقبول والرحمة كرة بعد أخرى. (ليتوبوا) أي: ليستقيموا على توبتهم ويثبتوا وليتوبوا أيضا في المستقبل إن حصلت منهم خطيئة.
4677 ح دثني محمد حدثنا أحمد بن أبي شعيب حدثنا موسى بن أعين حدثنا إسحاق ابن راشد أن الزهري حدثه قال أخبرني عبد الرحمان بن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه قال سمعت أبي كعب بن مالك وهو أحد الثلاثة الذين تيب عليهم أنه لم يتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها قط غير غزوتين غزوة العسرة وغزوة بدر قال فأجمعت صدق رسول ا لله صلى الله عليه وسلم ضحى وكان قلما يقدم من سفر سافره إلا ضحى وكان يبدأ بالمسجد فيركع ركعتين ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كلامي وكلام صاحبي ولم ينه عن كلام أحد من المتخلفين غيرنا فاجتنب الناس كلامنا فلبثت كذلك حتى طال علي الأمر وما من شيء أهم إلي من أن أموت فلا يصلي علي النبي صلى الله عليه وسلم أو يموت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكون من الناس بتلك المنزلة فلا يكلمني أحد منهم ولا يصلي علي فأنزل الله توبتنا على نبيه صلى الله عليه وسلم حين بقي الثلث الآخر من الليل ورسول الله صلى الله عليه وسلم عند أم سلمة وكانت أم سلمة محسنة في شأني معنية في أمري فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أم سلمة تيب على كعب قالت أفلا أرسل إليه فأبشره قال إذا يحطمكم الناس فيمنعونكم النوم سائر الليلة حتى إذا صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر آذن بتوبة الله علينا وكان إذا استبشر استنار وجهه حتى كأنه قطعة من القمر وكنا أيها الثلاثة الذين خلفوا عن الأمر الذي قبل من هاؤلاء الذين اعتذروا حين أنزل الله لنا التوبة فلما ذكر الذين كذبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من المتخلفين واعتذروا بالباطل ذكروا بشر ما ذكر به أحد قال الله سبحانه: * (يعتذرون إليكم إذا رجعتم إليهم قل لا تعتذروا لن نؤمن لكم قد نبأنا الله من أخباركم وسيرى الله عملكم ورسوله) * (التوبة: 94) الآية.
(٢٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 ... » »»