عمدة القاري - العيني - ج ١٨ - الصفحة ٢٤٧
إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون هذا يعم جميع من أشرك بالله عز وجل من حيث الظاهر وإن كان سبب نزوله خاصا على ما روي عن مجاهد أن المراد بهؤلاء نفر من بني عبد الدار من قريش، وقال محمد بن إسحاق: هم المنافقون، وأخبر الله تعالى عنهم أن هذا الضرب من بني آدم سئ الخلق والخليفة، فقال: إن شر الدواب الصم أي عن سماع الحق إليكم عن فهمه ولهذا قال: لا يعقلون، فهؤلاء شر البرية لأن كل دابة مما سواهم مطيعة لله تعالى فيما خلقها له، وهؤلاء خلقوا للعبادة فكفروا ولهذا شبههم بالأنعام في قوله: * (أولئك كالأنعام بل هم أضل سبيلا) * (الأعراف: 179).
4646 ح دثنا محمد بن يوسف حدثنا ورقاء عن ابن نجيح عن مجاهد عن ابن عباس إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون قال هم نفر من بني عبد الدار.
2 ((باب: * (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون) * (الأنفال: 24)) (استجيبوا) بمعنى: أجيبوا لله تعالى، يقال: استجبت له وأجبته، والاستجابة هنا بمعنى الإجابة. قوله: (إذا دعاكم) أي: إذا طلبكم. قوله: الآية أي: الآية بتمامها، وهي قوله: (واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنكم إليه تحشرون)، وفي بعض النسخ ذكر من قوله: * (يا أيها الذين آمنوا) * إلى قوله: * (تحشرون) * قوله: (يحول بين المرء وقلبه) قال ابن عباس: يحول بين المؤمن وبين الكفر وبين الكافر وبين الإيمان، رواه الحاكم في: (مستدركه) موقوفا، وقال: صحيح ولم يخرجاه، ورواه ابن مردويه من وجه آخر مرفوعا ولا يصح لضعف إسناده، والموقوف أصح، وعن مجاهد: يحول بين المرء وقلبه حتى يتركه لا يعقل، وقال السدي: يحول بين الإنسان وقلبه فلا يستطيع أن يؤمن ولا يكفر إلا بإذنه.
استجيبوا أجيبوا لما يحييكم يصلحكم قد مر الآن أن: استجيبو، بمعنى أجيبوا، وكذا قال أبو عبيدة. قوله: (لما يحييكم) فسره بقوله: يصلحكم، وكذا فسره أبو عبيدة، وقال مجاهد: لما يحييكم للحق، وقال قتادة: هو هذا القرآن فيه النجاة والبقاء والحياة، وقال السدي: لما يحييكم في الإسلام بعد موتهم بالكفر، وقال محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر ابن الزبير عن عروة بن الزبير: إذا دعاكم لما يحييكم، أي: للحرب التي أعزكم بها بعد الذل، وقواكم بها بعد الضعف، ومنعكم من عدوكم بعد القهر منهم لكم.
4647 ح دثني إسحاق أخبرنا روح حدثنا شعبة عن خبيب بن عبد الرحمان سمعت حفص بن عاصم يحدث عن أبي سعيد بن المعلى رضي الله عنه قال كنت أصلي فمر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاني فلم آته حتى صليت ثم أتيته فقال ما منعك أن تأتى ألم يقل الله * (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم، ثم قال لأعلمنك أعظم سورة في القرآن قبل أن أخرج فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخرج فذكرت له) *.
مطابقته للترجمة ظاهرة. وإسحاق كذا وقع في غالب النسخ غير منسوب، وفي نسخة مروية عن طريق أبي ذر: إسحاق ابن إبراهيم هو ابن راهويه، وذكر أبو مسعود الدمشقي وخلف الواسطي أنه إسحاق بن منصور، وكذا نص عليه الحافظ
(٢٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 ... » »»