عمدة القاري - العيني - ج ١٨ - الصفحة ٢٣٦
مخالف لقاعدته في تفسير بعض الألفاظ في بعض السور وفي بعض المواضع، وكان ينبغي أني يقول: يعرشون يبنون إشارة لما وقع في الآية من قوله: * (ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون) * (الأعراف: 137).
سقط كل من ندم فقد سقط في يده أشار به إلى قوله تعالى: * (ولما سقط في أيديهم) * (الأعراف: 149) وفسر قوله: (سقط) بقوله: (كل من ندم فقد سقط في يده) وقال الجوهري: وسقط في يديه أي: ندم: قال الله تعالى: * (ولما سقط في أيديهم) *، قال الأخفش: وقرأ بعضهم سقط كأنه أضمر الندم وجوز أسقط في يديه، وقال أبو عمر ولا يقال أسقط بالألف على ما لم يسم فاعله، وهذه في قصة قوم موسى الذين اتخذوا من حليهم عجلا وأخبر الله تعالى عنهم: * (ولما سقط في أيديهم ورأوا أنهم قد ضلوا) * الآية أراد أنهم ندموا على ما فعلوا * (ورأوا أنهم قد ضلوا قالوا: لئن لم يرحمنا ربنا) * الآية.
الأسباط قبائل بني إسرائيل أشار به إلى قوله تعالى: * (وقطعناهم اثنتي عشرة أسباطا أمما) * (الأعراف: 160) وفسر الأسباط بأنهم قبائل بني إسرائيل، وكذا فسره أبو عبيدة، وزاد: واحدهم سبط، تقول: من أي سبط أنت، أي: من أي قبيلة وجنس؟ ويقال: الأسباط في ولد يعقوب كالقبائل في ولد إسماعيل عليه السلام، واشتقاقه من السبط وهو التتابع، من السبط بالتحريك وهو الشجر الملتف، وقيل للحسن والحسين رضي الله تعالى عنهما: سبطا رسول الله صلى الله عليه وسلم، لانتشار ذريتهما، ثم قيل لكل ابن بنت: سبط.
يعدون في السبت يتعدون ثم يتجاوزون تعدى تجاوز أشار به إلى قوله تعالى: * (واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت) * (الأعراف: 163) وفسر: يعدون، بقوله: يتعدون ثم يتجاوزن، وقال الزمخشري: إذ يعدون إذ يتجاوزون حد الله فيه وهو اصطيادهم يوم السبت وقد نهوا عنه، وقرئ يعدون، بمعنى يعتدون وإذ يعدون من الإعداد وكانوا يعدون آلات الصيد يوم السبت وهم مأمورون بأن لا يشتغلوا فيه بغير العبادة. قوله: (تعدى تجاوز) نبه به على أن معنى هذه الكلمة التجاوز فإذا تجاوز أحد أمرا من الأمور المحدودة يقال له: تعدى.
شرعا شوارع أشار به إلى قوله عز وجل: * (إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا) * وذكر أن شرعا جمع شوارع وشوارع جمع شارع وهو الظاهر على وجه الماء، وروى الضحاك عن ابن عباس: شرعا، أي ظاهرة على الماء، وقال العوفي عنه: شرعا على كل مكان.
بئيس شديد أشار به إلى قوله تعالى: * (وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس) * (الأعراف: 165) وفسره بقوله: شديد، وعن مجاهد معناه: أليم، وعن قتادة: موجع، وفي بئيس قراءات كثيرة والقراءة المشهورة بفتح أوله وكسر الهمزة.
أخلد إلى الأرض أقعد وتقاعس أشار به إلى قوله تعالى: * (ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه) * (الأعراف: 176) وفسر قوله: أخلد بقوله: أقعد من الإقعاد وهو أن يلازم القعود إلى الأرض وهو كناية عن شدة ميله إلى الدنيا، وقد فسر أبو عبيدة قوله: أخلد إلى الأرض بقوله: لزمها، وأصل الإخلاد للزوم، ويقال معناه: مال إلى زينة الحياة الدنيا وزهراتها وأقبل على لذاتها ونعيمها وغرته ما غرت غيره، قوله: وتقاعس، أي: تأخر وأبطأ، والضمير في قوله: ولكنه، يرجع إلى بلعام بن باعورا من علماء بني إسرائيل وكان مجاب الدعوة ولكنه اتبع هواه فانسلخ من الإيمان واتبعه الشيطان، وقصته مشهورة، وقيل: المراد به أمية بن أبي الصلت أدرك زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يتبعه وصار إلى موالاة المشركين، وقد جاء في بعض الأحاديث أنه آمن بلسانه ولم يؤمن بقلبه وله أشعار ربانية وحكم
(٢٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 ... » »»