وفصاحة ولكنه لم يشرح الله صدره للإسلام.
(سنستدرجهم) أي نأتيهم من مأمنهم كقوله تعالى: * (فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا) * أشار به إلى قوله تعالى: * (والذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون) * (الأعراف: 182) وفسر قوله: سنستدرجهم، بقوله: نأتيهم من ما منهم، أي: من موضع أمنهم، وأصل الاستدراج التقريب منزلة من الدرج لأن الصاعد يترقى درجة درجة. قوله: كقوله تعالى: * (فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا) * (الحشر: 2) وجه التشبيه فيه هو أخذ الله إياهم بغتة، كما قال في آية أخرى: * (حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة) * (الأنعام: 44).
من جنة من جنون أشار به إلى قوله تعالى: * (أو لم يتفكروا ما بصاحبهم من جنة) * (الأعراف: 184) ثم قال: من جنون، وكانوا يقولون: محمد شاعر أو مجنون، والمراد بالصاحب هو محمد عليه الصلاة والسلام.
فمرت به فاستمر بها الحمل فأتمته لم يقع هذا في رواية أبي ذر، وتقدم هذا في أول كتاب الأنبياء، وأشار به إلى قوله تعالى: * (فلما تغشاها حملت حملا خفيفا فمرت به) * (الأعراف: 189) وفسر قوله: فمرت به، بقوله: فاستمر بها الحمل فأتمته، والضمير في قوله: فمرت، يرجع إلى حواء عليها السلام، لأن قبل هذا قوله تعالى: * (هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها) * الآية. وأراد بالنفس الواحدة آدم عليه السلام، وأراد بقوله: زوجها، حواء عليها السلام، وفي التفسير: اختلفوا في معنى قوله: فمرت، فقال مجاهد: استمرت بحمله، وكذا روي عن الحسن والنخعي والسدي، وقال ميمون بن مهران عن أبيه: استخفته، وقال قتادة: استبان حملها، وقال العوفي عن ابن عباس: استمرت به فشكت أحبلت أم لا.
ينزغنك يستخفنك أشار به إلى قوله تعالى: * (وأما ينزغنك من الشيطان نزغ) * (الأعراف: 200) الآية. وفسر ينزغنك بقوله: يستخفنك، وكذا فسره أبو عبيدة، وقال ابن جرير في معنى هذا: وأما يغضبنك من الشيطان غضب يصدك عن الإعراض عن الجاهل ويحملك على مجازاته فاستعذ بالله، أي: فاستجر بالله.
طيف ملم به لمم ويقال طائف وهو واحد أشار به إلى قوله تعالى: * (إن الذين اتقوا إذا مسهم طيف من الشيطان) * وفسر قوله: طيف بقوله: ملم به لمم، وقال أبو عبيدة: طيف أي لمم، واللمم يطلق على ضرب من الجنون وعلى صغار الذنوب، وفي التفسير: منهم من فسر ذلك بالغضب، ومنهم من فسره بمس الشيطان بالصرع ونحوه، ومنهم من فسره بالهم بالذنب، ومنهم من فسره بإصابة الذنب. قوله: (ويقال طائف) أشار به إلى أن طيفا وطائفا واحد في المعنى، وهما قراءتان مشهورتان.
يمدونهم يزينون أشار به إلى قوله تعالى: * (وإخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون) * (الأعراف: 202) وفسر يمدونهم بقوله: (يزينون)، وقال أبو عبيدة: أي يزينون لهم الغي والكفر.
وخيفة خوفا وخفية من الإخفاء أشار بقوله خيفة إلى قوله تعالى: * (واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة) * (الأعراف: 205) وفسر قوله: (خيفة)، بقوله: (خوفا)، وكذا فسره أبو عبيدة، ويقال: * (اذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة) * أي: رغبة ورهبة وأشار بقوله وخيفة إلى قوله: (واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة) وأي: سرا. قوله: (من الإخفاء) أراد به أن الخفية مأخوذة من الإخفاء وفيه تأمل، لأن القاعدة أن المزيد فيه يكون مشتقا من الثلاثي دون العكس، ولكن يمكن أن يوجه كلامه باعتبار انتظام اشتقاق الصيغتين في معنى واحد.