عمدة القاري - العيني - ج ١٨ - الصفحة ٢٣٣
وقال غيره: * (ما منعك أن لا تسجد) * (الأعراف: 12) يقال ما منعك أن تسجد أي: قال غير ابن عباس في تفسير قوله تعالى: * (ما منعك أن لا تسجد إذ أمرتك) *، ثم أشار بقوله: يقال: ما منعك أن تسجد، ونبه بهذا على أن كلمة لا صلة. قال الزمخشري: لا في: أن لا تسجد، صلة بدليل قوله: * (ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي) * (ص 1764;: 75) ثم قال: فائدة زيادتها توكيد معنى الفعل الذي يدخل عليه، وتحقيقه كأنه قيل: ما منعك أن تحقق السجود وتلزمه نفسك إذا أمرتك؟ وذكر ابن جرير عن بعض الكوفيين أن المنع هاهنا بمعنى القول، والتقدير: من قال لك لا تسجد؟ قلت: يجوز أن تكون كلمة أن مصدرية وكلمة لا، على أصلها، ويكون فيه حذف، والتقدير: ما منعك وحملك على أن لا تسجد أي على عدم السجود.
يخصفان أخذا الخصاف من ورق الجنة. يؤلفان الورق يخصفان الورق بعضه إلى بعض أشار به إلى قوله تعالى: * (وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة) * (الأعراف: 22) وفسر (يخصفان) بقوله: أخذا الخصاف، وهو بكسر الخاء جمع خصفة وهي الجلة التي يكنز فيها التمر. قوله: (وطفقا)، من أفعال المقاربة أي: جعلا أي: آدم وحواء، عليهما الصلاة والسلام، يخصفان عليهما من ورق الجنة، قيل: ورق التين يعني يجعلان ورقة فوق ورقة على عوراتهما ليستترا بها كما يخصف النعل بأن تجعل طرفة على طرقة وتوثق بالسبور، وقرأ الحسن: يخصفان، بكسر الخاء وتشديد الصاد، وأصله يختصفان. وقرأ الزهري: يخصفان، من أخصف، أي: يخصفان أنفسهما. وقرئ: يخصفان، من خصف بالتشديد.
سوآتهما كناية عن فرجيهما أشار به إلى قوله تعالى: * (فلماذا قاالشجرة بدت لهما سوآتهما) * وقال. قوله: سوآتهما، كناية عن فرجيهما. أي: فرجي آدم وحواء، عليهما الصلاة والسلام، وفي التفسير: سقط عنهما اللباس وظهرت لهما عوراتهما وكانا لا يريان من أنفسهما ولا أحدهما من الآخر، وعن وهب كان لباسهما فورا يحول بينهما وبين النظر، وقال الجوهري: السوأة العورة، وفي قول البخاري: كناية نظر لا يخفى.
ومتاع إلى حين إلى يوم القيامة والحين عند العرب من ساعة إلى ما لا يحصي عددها.
أشار به إلى قوله تعالى: * (ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين) * (الأعراف: 24) ونبه على أن المراد من الحين، هنا هو: إلى يوم القيامة وفي بعض النسخ، ومتاع إلى حين، هو هاهنا إلى يوم القيامة، ثم أشار بقوله: والحين عند العرب إلى الحين يستعمل لأعداد كثيرة، وأدناه ساعة، وقال ابن الأثير: الحين الوقت، وفي (المغرب) الحين كالوقت لأنه بهم يقع على القليل والكثير وقد مضى الكلام فيه في بدء الخلق.
قبيله جيله الذي هو منهم أشار به إلى قوله تعالى: * (أنه يراكم هو وقبيله) * (الأعراف: 27) والضمير في (إنه) يرجع إلى الشيطان، وفسر القبيل بالجيل، بكسر الجيم وسكون الياء آخر الحروف، وقال ابن الأثير: الصنف من الناس الترك جيل، والصين جيل، والمراد هنا جيل الشيطان يعني قبيله، ويؤيده في المعنى ما رواه ابن جرير من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله قبيله قال الجن والشياطين، وقيل: قبيله خيله ورجله. قال الله تعالى: * (بخيلك ورجلك) * (الإسراء: 64) وقيل: ذريته قال تعالى: * (أفتتخذونه وذريته) * (الكهف: 50) وقيل أصحابه: وقيل: ولده ونسله. قال الأزهري: القبيل جماعة ليسوا من أب واحد وجمعه قبل فإذا كانوا من أب واحد فهم قبيلة.
اداركوا اجتمعوا أشار به إلى قوله تعالى: * (كلما دخلت أمة لعنت أختها حتى إذا داركوا فيها جميعا) * وفسر لفظ أداركوا بقوله: اجتمعوا وقال مقاتل: كلما دخل أهل ملة النار لعنوا أهل ملتهم فيلعن اليهود اليهود والنصارى النصارى والمجوس المجوس، والمراد بالأخت أخوة الدين والملة لا أخوة النسب. قوله: (حتى إذا أداركوا فيها)، أي: حتى إذا اتداركوا فيها وتلاحقوا به واجتمعوا
(٢٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 ... » »»