لم يذكر لفظ باب إلا في رواية أبي ذر وقال المفسرون: هذه أكبر نعم الله عز وجل على هذه الأمة حيث أكمل لهم دينهم فلا يحتاجون إلى دين غيره ولا إلى نبي غير نبيهم، ولهذا جعله الله خاتم الأنبياء وبعثه إلى الإنس والجن، فلا حلال إلا ما أحله الله، ولا حرام إلا ما حرمه الله، ولا دين إلا ما شرعه وكل شيء أخبر به فهو حق وصدق لا كذب فيه ولا خلف. قال علي بن أبي طلحة. عن ابن عباس * (كملت لكم دينكم) * (المائدة: 3) وهو الإسلام، والمراد باليوم: يوم عرفة. قال أسباط عن السدي: نزلت هذه الآية يوم عرفة فلم ينزل بعدها حلال ولا حرام، ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومات. وقال ابن جريج وغير واحد: مات رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد يوم عرفة بأحد وثمانين يوما.
وقال ابن عباس مخمصة مجاعة هذا لم يثبت إلا لغير أبي ذر، وقد ذكرنا عند قوله: (وقال غيره) الإغراء التسليط، أن المناسبة كانت تقتضي أن يذكر هذه اللفظة قبل قوله: وقال ابن عباس: فليرجع إليه هناك يظهر لك ما فيه الكفاية. وأشار به إلى قوله تعالى: * (فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم) * وهذا التعليق رواه ابن أبي حاتم عن أبيه حدثنا أبو صالح حدثني معاوية عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.
4606 ح دثني محمد بن بشار حدثنا عبد الرحمان حدثنا سفيان عن قيس عن طارق بن شهاب قالت اليهود لعمر إنكم تقرؤون آية لو نزلت فينا لاتخذناها عيدا فقال عمر إني لأعلم حيث أنزلت وأين أنزلت وأين رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزلت يوم عرفة وإنا والله بعرفة. قال سفيان وأشك كان يوم الجمعة أم لا * (اليوم أكملت لكم دينكم) *.
مطابقته للترجمة ظاهرة و عبد الرحمن هو ابن مهدي، و سفيان هو الثوري، و قيس هو ابن مسلم، وطارق هو ابن شهاب بن عبد شمس البجلي الأحمسي الكوفي، رأى النبي صلى الله عليه وسلم وغزا في خلافة أبي بكر وعمر، رضي الله تعالى عنهما ثلاثا وثلاثين أو ثلاثا وأربعين غزوة، ومات سنة ثلاث وثمانين.
والحديث مر في كتاب الإيمان من طريق آخر عن الحسن بن الصباح عن حفص بن عون عن أبي العميس عن قيس بن مسلم عن طارق إلى آخره.
قوله: (قالت اليهود)، وفي كتاب الإيمان أن رجلا من اليهود، وإنما جمع هنا باعتبار السائل ومن كان معه، وكان هذا الرجل كعب الأحبار، وكان سؤاله قبل إسلامه، وأنه أسلم في خلافة عمر، على المشهور، أو أطلق عليه ذلك باعتبار ما مضى. قوله: (حيث أنزلت وأين أنزلت) أعلم أن حيث للمكان اتفاقا وقال الأخفش، وقد ترد للزمان، وهنا للمكان خاصة، وأين، للزمان فلا تكرار وحينئذ، والغالب كون، حيث في محل نصب على الظرفية، أو خفض: بمن، ويلزمها الإضافة إلى الجملة اسمية كانت أو فعلية، وإلى الفعلية أكثر، وفي رواية عبد الرحمن بن مهدي: (حيث أنزلت، وأي يوم أنزلت) وقال الكرماني: ويروى: (حين أنزلت وأين أنزلت) قلت: فحينئذ يلزم التكرار. قوله: (وأين رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزلت). كذا في رواية الأكثرين وفي رواية أبي ذر: (حيث أنزلت). قوله: (يوم عرفة) بالرفع أي: يوم النزول يوم عرفة ويروى بالنصب أي أنزلت في يوم عرفة. قوله: (وأنا والله بعرفة) إشارة إلى المكان إذ عرفة تطلق على عرفات، وكذا هو في وراية الجميع، وعند أحمد: (ورسول الله واقف بعرفة)، وكذا في رواية مسلم. قوله: (قال سفيان: وأنا أشك) وقد تقدم في كتاب الإيمان عن قيس بن مسلم الجزم بأن ذلك كان يوم الجمعة، وسيجئ الجزم أيضا في كتاب الاعتصام من رواية مسعر عن قيس.
3 ((باب قوله: * (فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا) *)) أي: هذا باب في قوله تعالى: * (وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا) * (المائدة: 6) قيل: وقع هنا. فإن لم تجدوا. قلت: ليس كذلك، فالقرآن * (فلم تجدوا) * وفي الأصول كذلك.