على شيء) * الآية. قال المفسرون: يقول الله تعالى: قل يا محمد! يا أهل الكتاب لستم على شيء أي من الدين، حتى تقيموا التوراة والإنجيل. أي: حتى تؤمنوا بجميع ما في أيديكم من الكتب المنزلة من الله على الأنبياء وتعملوا بما فيها من الأمر من اتباع محمد صلى الله عليه وسلم والإيمان بمبعثه والاقتداء بشريعته، وسبب نزول هذه الآية ما رواه ابن أبي حاتم من طريق سعيد ابن جبير عن ابن عباس قال: جاء مالك بن الضيف وجماعة من الأحبار فقالوا يا محمد: ألست تزعم أنك على ملة إبراهيم وتؤمن بما في التوراة وتشهد أنها حق؟ قال: بلى. ولكنكم كتمتم منها ما أمرتم ببيانه فأنا أبرأ مما أحدثتموه. وقالوا: إنا نتمسك بما في أيدينا من الهدى والحق ولا نؤمن بك ولا بما جئت به، فأنزل الله هذه الآية.
* (من أحياها يعني من حرم قتلها إلا بحق حيي الناس منه جميعا) * أشار به إلى قوله تعالى: * (ومن أحياها فكأنما أحيى الناس جميعا) * (المائدة: 32) وفسره بقوله: يعني من حرم إلى آخره، ووصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس. وقال مجاهد: من لم يقتل أحدا فقد حيى الناس منه، وعنه في رواية: ومن أحياها. أي: أنجاها من غرق أو حرق أو هلكة.
شرعة ومنهاجا سبيلا وسنة أشار به إلى قوله تعالى: * (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا) * (المائدة: 48) وفسر شرعة. بقوله: سبيلا ومنهاجا. بقوله: سنة قال الكرماني: ما يفهم منه أن قوله: سبيلا تفسير قوله: منهاجا. وقوله: وسنة تفسير قوله: شرعة، حيث قال: وفيه لف ونشر غير مرتب. قلت: روى ابن أبي حاتم بما فيه لف ونشر مرتب مثل ظاهر تفسير البخاري حيث قال: سبيلا وسنة فقوله سبيلا تفسير شرعة. وقوله: منهاجا تفسير قوله: وسنة، وذلك حيث قال ابن أبي حاتم، حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا أبو خالد الأحمر عن يوسف بن أبي إسحاق عن التيمي عن ابن عباس، الكل جعلنا منكم شرعة قال سبيلا وحدثنا أبو سعيد حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي إسحاق عن التيمي عن ابن عباس ومنهاجا سنة وكذا روي عن مجاهد وعكرمة والحسن البصري وقتادة والضحاك والسدي وأبي إسحاق السبيعي أنهم قالوا في قوله شرعة ومنهاجا أي: سبيلا وسنة، وهذا كما هو لفظ البخاري، وفيه لف ونشر مرتب، وقال ابن كثير: وعن ابن عباس أيضا وعطاء الخراساني، شرعة ومنهاجا أي: سنة وسبيلا، ثم قال: والأول أنسب، فإن الشرعة وهي الشريعة أيضا هي مما يبدأ فيه إلى الشيء، ومنه يقال: شرع في كذا أي: ابتدأ وكذا الشريعة وهي ما يشرع منها إلى الماء، وأما المنهاج فهو الطريق الواضح السهل، وتفسير قوله: شرعة ومنهاجا بالسبيل والسنة أظهر في المناسبة من العكس.
فإن عثر ظهر أشار به إلى قوله تعالى: * (فإن عثر على أنهما استحقا إثما) * وفسر عثر بقوله: ظهر، قال المفسرون: أي فإن اشتهر وظهر وتحقق من شاهدي الوصية أنهما خانا أو غلا شيئا من المال الموصى به بنسبته إليهما وظهر عليهما بذلك فآخران يقومان مقامهما، وتوضيح هذا يظهر من تفسير الآية التي هذه اللفظة فيها وما قبلها، وهي قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت) * إلى قوله: * (والله لا يهدي القوم الفاسقين) * (المائدة: 107).
الأوليان واحدها أولى أشار به إلى قوله تعالى: * (من الذين استحق عليهم الأوليان فيقسمان بالله) * (المائدة: 106) الآية وأشار إلى أن ما ذكر من قوله: الأوليان تثنية أولى، والأوليان مرفوع، بقوله استحق من الذين استحق عليهم انتداب الأوليين منهم للشهادة، وقرئ الأولين على أنه وصف للذين، وقرئ الأولين على التثنية وانتصابه على المدح، وقرأ الحسن الأولان، وأكثر هذه الألفاظ المذكورة هاهنا لم تقع في كثير، من النسخ، وفي النسخ التي وقعت فيها بالتقديم والتأخير، والله أعلم.
1 ((باب: * (حرم واحدها حرام) *)) أشار به إلى قوله في أول السورة: * (غير محلى الصيد وأنتم حرم) * (المائدة: 1) ثم ذكر أن واحد حرم حرام، ومعنى: وأنتم حرم. وأنتم محرمون، وقال أبو عبيدة: يعني: حرام محرم، وقرأ الجمهور بصنم أيضا الراء، وقرأ يحيى بن وثاب: حرم، بإسكان الراء وهي لغة: كرسل ورسل.
((باب قوله تعالى: * (فبما نقضهم) * (المائدة: 13)) أي: هذا باب في قوله تعالى: * (فبما نقضهم) * وفي بعض النسخ: باب فيما نقضهم، وليس لفظ باب في كثير من النسخ، وهو الظاهر لأنه لم يرو عن أحد هنا لفظ: باب.
فبنقضهم هذا تفسير قوله: * (فبما نقضهم) * وأشار به إلى أن كلمة ما زائدة، روي كذا عن قتادة رواه ابن المنذر عن أحمد، حدثنا يزيد عن سعيد عن قتادة، وقال الزجاج: ما لغووا المعنى: فبنقضهم ميثاقهم، ومعنى: ما الملغاة في العمل توكيد القصة، وعن الكسائي: ما صلة كقوله * (عما قليل) * (المؤمنون: 40) وكقوله: * (فبما رحمة من الله لنت لهم) * (النساء: 12) وقال الثعلبي: إنما دخلت فيه ما للمصدر وكذلك كل ما أشبهه. قلت: أول هذه الكلمة الآية الطويلة التي هي: * (ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل) * الآية وبعدها * (فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية) * إلى قوله: * (إن الله يحب المحسنين) * ولقد أخبر الله تعالى عما أحل بالذين نقضوا الميثاق بعد عقده وتوكيده وشده من العقوبة. بقوله: * (فبما نقضهم) * أي: بسبب نقضهم ميثاقهم لعناهم أي: بعدناهم عن الحق وطردناهم عن الهدى وجعلنا قلوبهم قاسية، أي: لا تنتفع بموعظة لغلظها وقساوتها.
التي كتب الله جعل الله أشار به إلى قوله تعالى: * (ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم) * (المائدة: 21) وفسره بقوله: جعل الله وعن ابن إسحاق. كتب لكم، أي: وهب لكم أخرجه الطبري وأخرج غيره من طريق السدي أن معناه أمر، وقال الزمخشري: معنى كتب الله: قسمها وسماها، أو خط في اللوح المحفوظ أنها لكم، والأرض المقدسة بيت المقدس أو أريحا أو فلسطين أو دمشق أو الشام، وكان إبراهيم عليه الصلاة والسلام، صعد جبل لبنان فقيل له انظر فما أدركه بصرك فهو مقدس وميراث لذريتك من بعدك.
تبوء تحمل أشار به في قصة قابيل بن آدم إلى قول هابيل يقول، لقابيل: * (إني أريد أن تبوء بإثمي وأثمك) * (المائدة: 29) تحمل. ثم فسر: تبوء، بقوله: تحمل، هكذا فسره مجاهد رواه ابن المنذر عن موسى: حدثنا أبو بكر حدثنا شبابة عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عنه وعن ابن عباس وقتادة ومجاهد. أي: قتلى وإثمك الذي عملته قبل ذلك، وقال ابن جرير: قال آخرون: معنى ذلك، إني أريد أن تبوء بإثمي، أي: بخطيئتي فتحمل أوزارها وإثمك في قتلك إياي، وقال هذا قول وجدته عن مجاهد وأخشى أن يكون غلطا لأن الرواية الصحيحة عنه خلاف هذا يعني: ما رواه سفيان الثوري عن منصور عن مجاهد إني أريد أن تبوء بإثمي. قال: بقتلك إياي وإثمك. قال: بما كان قبل ذلك؟ قلت: هذا هو الذي ذكرناه عنه مع ابن عباس الذي نص عليها بالصحة فإن قلت: قد روى ما ترك القاتل على المقتول من ذنب؟ قلت: هذا الحديث لا أصل له. قاله الخطابي من المحدثين. فإن قلت: روى البزار بإسناده من حديث عروة ابن الزبير عن عائشة رضي الله تعالى عنها. قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل الصبر لا يمر بذنب إلا محاه. قلت: هذا لا يصح، ولئن صح فمعناه أن الله يكفر عن المقتول بإثم القتل ذنوبه فإما أنه يحمل على القاتل فلا.