وقال مجاهد يخرج الحي النطفة تخرج ميتة ويخرج منها الحي أشار به إلى قوله تعالى: * (وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب) * (آل عمران: 27) قال مجاهد: تخرج الحي، معناه النطفة تخرج حال كونها ميتة. ويخرج من تلك الميتة الحي، وهذا التعليق وصله محمد بن جرير عن القاسم. حدثنا حجاج عن ابن جريج عن مجاهد، وحكاه أيضا عن ابن مسعود والضحاك والسدي وإسماعيل بن أبي خالد وقتادة وسعيد بن جبير، وفي (تفسير ابن كثير) يخرج الحبة من الزرع والزرع من الحبة والنخلة من النواة والنواة من النخلة والمؤمن من الكافر والكافر من المؤمن والدجاجة من البيضة والبيضة من الدجاجة. وقال الحسن: يخرج المؤمن الحي من الكافر الميت. قوله: (النطفة) مبتدأ وتخرج، جملة في محل الرفع خبره، وميتة نصب على الحال من الضمير الذي في تخرج.
الإبكار أول الفجر والعشي ميل الشمس أراه إلى أن تغرب أشار به إلى قوله: * (واذكر ربك كثيرا وسبح بالعشي والأبكار) * (آل عمران: 41). وقال الزمخشري: العشى من حين تزول الشمس إلى أن تغيب والأبكار من طلوع الفجر إلى وقت الضحى وقرئ والأبكار بفتح الهمزة جمع بكر كشجر وأشجار.
3 ((* (سورة آل عمران) *)) أي: هذا تفسير سورة آل عمران.
كذا وقع في رواية أبي ذر دون غيره. وهو حسن لأن ابتداء الأمر ببسم الله الرحمان الرحيم يتبارك فيه: ولما فرغ من بيان سورة البقرة شرع في تفسير سورة آل عمران، وابتدأ بالبسملة لما ذكرنا، ولقوله صلى الله عليه وسلم: كل أمر ذي بال الحديث وهو مشهور.
((باب: تقاة وتقية واحدة)) أشار بهذا إلى ما في قوله تعالى: * (إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير) * (آل عمران: 28) والمعنى مرتبط بما قبله. وهو أول الآية: * (لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك) * يعني: ومن يوالي الكفار. (فليس من الله في شيء) يقع عليه اسم الولاة. (إلا أن تتقوا منهم تقاة). يعني: إلا أن تخافوا من جهتهم أمرا يجب اتقاؤه، وانتصاب: تقاة. على أنه مفعول تتقوا، ويجوز أن يكون، تتقوا، متضمنا معنى: تخافوا، كما ذكرنا ويكون: تقاة. نصبا على التعليل، ومعنى قول البخاري: تقاة وتقية واحدة، يعني: كلاهما مصدر بمعنى واحد. قرىء في موضع تقاة تقية، والعرب إذا كان معنى الكلمتين واحدا، واختلف اللفظ يخرجون مصدر أحد اللفظين على مصدر اللفظ الآخر، وكان الأصل هنا أن يقال: إلا أن تتقوا منهم اتقاء، وهنا أخرج كذلك لأن تقاة مصدر: تقيت فلانا، ولم يخرج على مصدر: اتقيت، لأن مصدر اتقيت اتقاء وتقاة وتقية وتقى وتقوى، كلها مصادر تقيته، بمعنى واحد، يقال: تقى يتقي. مثل رمى يرمى، وأصل التاء الواو لأنها في الأصل من الوقاية، ومن كثرة استعمالها بالتاء يتوهم أن التاء من نفس الحروف.
صر برد أشار به إلى ما في قوله تعالى: * (مثل ما ينفقون في هذه الحيواة الدنيا كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قوم ظلموا) * (آل عمران: 117) الآية وفسر الصبر بقوله برد، والصر بكسر الصاد وتشديد الراء وهو الريح الباردة نحو الصرصر.
شفا حفرة مثل شفا الركية وهو حرفها أشار به إلى ما في قوله تعالى: * (وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها) * (آل عمران: 103). قال الزمخشري: معناه. وكنتم مشفين على أن تقعوا في نار جهنم لما كنتم عليه من الكفر فأنقذكم منها بالإسلام قوله: (مثل شفا الركية) بفتح الراء وكسر الكاف وتشديد الياء آخر الحروف. وهي البئر، والشفا، بفتح الشين المعجمة وتخفيف الفاء الحرف وهو معنى قوله: (وهو حرفها)، بفتح الحاء المهملة وسكون الراء، وهكذا رواية الأكثرين، وفي رواية النسفي بضم الجيم والراء.
تبويء تتخذ معسكرا أشار به إلى ما في قوله تعالى: * (وإذ غدوت من أهلك تبوىء المؤمنين مقاعد للقتال) * (آل عمران: 121) وفسره بقوله: تتخذ معسكرا. وفسره أبو عبيدة كذلك، والمقاعد جمع مقعد وهو موضوع القعد.
المسوم الذي له سيما بعلامة أو بصوفة أو بما كان أشار به إلى قوله تعالى: * (والخيل المسومة والأنعام والحرث) * (آل عمران: 141). قال الزمخشري: الخيل المسومة المعلمة من السومة وهي العلامة أو المطهمة أو المرعية من أسام الدابة وسومها وعن ابن عباس: المسومة الراعية المطهمة الحسان، وكذا روي عن مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير وعبد الله بن أبزى والسدي والربيع بن أنس وأبي سنان وغيرهم، وقال مكحول: المسومة الغرة والتحجيل. قوله: (المسوم الذي له سيما)، بكسر السين المهملة وسكون الياء آخر الحروف وبالميم المخففة هو العلامة قوله: (أو بما كان) أي: أو بأي شيء كان من العلامات.
وقال مجاهد والخيل المسومة المطهمة الحسان هذا التعليق رواه عبد بن حميد عن روح عن شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد. قال الأصمعي المطهم التام كل شيء منه على حدته فهو رباع الجمال، يقال: رجل مطهم وفرس مطهم.
ريبون الجميع والواحد ربي أشار به إلى قوله تعالى: * (وكأين من نبي قاتل معه ربيون) * (آل عمران: 146) قال المفسرون الربيون الربانيون، وقرئ بالحركات الثلاث الفتح، على القياس، والضم والكسر من تغييرات النسب. قوله: (الجميع) ويروى الجمع أي جمع الربيون ربى، وقال سفيان الثوري عن عاصم عن زر عن ابن مسعود، ربيون كثير أي: ألوف وقال ابن عباس ومجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير والحسن وقتادة والسدي والربيع وعطاء الخراساني: الربيون الجموع الكثيرة، وقال عبد الرزاق عن معمر عن الحسن ربيون كثير أي: علماء كثيرون، وعنه أيضا: علماء صبراء أبرار أتقياء، وحكى ابن جرير عن بعض نحاة البصرة أن الربيين هم الذين يعبدون الرب، عز وجل قال: وقد رد بعضهم عليه فقال: لو كان كذلك لقيل، ربيون، بالفتح انتهى. قلت: لا وجه للرد لأنا قلنا: إن الكسرة من تغييرات النسب.
تحسونهم تستأصلونهم قتلا أشار به إلى قوله تعالى: * (ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه) * (آل عمران: 156) وفسر: تحسونهم بقوله: تستأصلونهم: من الاستئصال وهو القلع من الأصل، وفي التفسير: إذ تحسونهم أي: تقتلونهم قتلا ذريعا.