(فجعلها) أي: فجعل أبو طلحة بيرحاء المذكورة في الحديث السابق لحسا بن ثابت وأبي بن كعب، رضي الله تعالى عنهما. قوله: (وأنا أقرب إليه، منهما) (ولم يجعل لي منها شيئا).
6 ((باب: * (قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين) * (آل عمران: 93)) أي: هذا باب في قوله تعالى: * (قل فأتوا) * الآية. وقبلها * (كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة قل فاتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين) * (آل عمران: 93) قوله: (كل الطعام) أي: كل المطعومات (كان حلا لبني إسرائيل) وهو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، عليهم الصلاة والسلام (إلا ما حرم إسرائيل على نفسه) وهو لحوم الإبل وألبانها. وقيل: العروق، وكان به عرق النساء فنذر إن شفي أن يحرم على نفسه أحب الطعام إليه وكان ذلك أحب إليه فحرمه، وأنكر اليهود ذلك فأنزل الله (قل فاتوا) أي: قل يا محمد لليهود: (قاتلوها إن كنتم صادقين) فيما تنكرون من ذلك.
4556 ح دثني إبراهيم بن المنذر حدثنا أبو ضمرة حدثنا موسى بن عقبة عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن اليهود جاؤا إلى النبي صلى الله عليه وسلم برجل منهم وامرأة قد زنيا فقال لهم كيف تفعلون بمن زنا منكم نحممهما ونضربهما فقال لا تجدون في التوراة الرجم فقالوا لا نجد فيها شيئا فقال لهم عبد الله بن سلام كذبتم فأتوا بالتورة فاتلوها إن كنتم صادقين فوضع مدراسها الذي يدرسها منهم كفه على آية الرجم فطفق يقرأ ما دون يده وما وراءها ولا يقرأ آية الرجم فنزع يده عن آية الرجم فقال ما هاذه فلما رأوا ذلك قالوا هي آية الرجم فأمر بهما فرجما قريبا من حيث موضع الجنائز عند المسجد فرأيت صاحبها يجنأ عليها يقيها الحجارة.
مطابقته للترجمة في قوله: (كذبتم فاتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين) وإبراهيم بن المنذر أبو إسحاق الحزامي المديني، وأبو ضمرة، بفتح الضاد المعجمة وسكون الميم واسمه أنس بن عياض الليثي والحديث قد مضى مختصرا في الجنائز في: باب الصلاة على الجنازة في المصلى والمسجد.
قوله: (إن اليهود جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم برجل وامرأة زنيا) قال ابن بطال: قيل: إنهما لم يكونا أهل ذمة وإنما كانا أهل حرب، ذكره الطبري، وفي رواية عيسى عن ابن القاسم: كانا من أهل فدك وخيبر حربا لرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم ذاك، وعن أبي هريرة: كان هذا حين قدم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة. وقال مالك إنما كانا أهل حرب ولو كانا أهل ذمة لم يسألهم كيف الحكم فيهم؟ وقال النووي: وعند مالك لا يصح إحصان الكافر وإنما رجمهما لأنهما لم يكونا أهل ذمة. قيل: هذا غير جيد لأنهما كانا من أهل العهد، ولأنه رجم المرأة والنساء الحربيات لا يجوز قتلهن مطلقا. وقال السهيلي: اسم المرأة المرجومة: بسرة. قوله: (كيف تفعلون)؟ لم يرد به صلى الله عليه وسلم تقليدهم ولا معرفة الحكم به منهم، وإنما أراد إلزامهم بما يعتقدونه في كتابهم، ولعله صلى الله عليه وسلم قد أوحى إليه أن الرجم في التوراة الموجودة في أيديهم لم يغيروه كما غيروا غيره، أو أنه أخبره من أسلم منهم. قوله: (نحممهما) من التحميم يعني: نسود وجوههما بالحمم، بضم الحاء المهملة وفتح الميم، وهو الفحم، وفي رواية تحملهما: بالحاء المهملة واللام يعني: تحملهما على شيء ليظهرا. وفي رواية: تحملهما: بالجيم واللام أي: نجعلهما جميعا على شيء ليظهرا قوله: (فوضع مدراسها)، بكسر الميم يريد به صاحب دراسة كتبهم، والمفعال من أبنية المبالغة، وهو عبد الله بن صوريا، بضم الصاد المهملة وسكون الواو وكسر الراء وفتحها. وفي رواية أبي داود: ائتوني بأعلم رجلين منك، فأتوه يا بني صوريا، قال المنذري: لعله عبد الله بن صوريا وكنانة بن صوريا، وكان عبد الله أعلم من بقي من الأحبار بالتوراة ثم كفر بعد ذلك، وزعم السهيلي أنه أسلم. قوله: (فطفق) أي: فجعل (يقرأ ما دون يده) أي: ما قبلها. قوله: (فنزع يده) أي: نزع