عمدة القاري - العيني - ج ١٨ - الصفحة ١١٨
الصغرى، يعني وطء النساء في أدبارهن، أخرجه الطحاوي بإسناد صحيح، والطيالسي والبيهقي. ومنها: حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا ينظر الله عز وجل إلى رجل وطئ امرأة في دبرها، أخرجه الطحاوي وابن أبي شيبة وابن ماجة وأحمد. ومنها حديث جابر بن عبد الله نحو حديث خزيمة وفي رواية لا بحل ما تأتي النساء في حشوشهن وفي رواية في محاشهن اخرجه الطحاوي ومنها: حديث طلق بن علي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله لا يستحيي من الحق لا تأتوا النساء في أعجازهن، أخرجه الطحاوي وابن أبي شيبة، وفي رواية في أعجازهن، أو قال: في أدبارهن، وأما الآية فتأولوها: بفأتوا حرثكم أنى شئتم مستقبلين ومستدبرين، ولكن في موضع الحرث، وهو الفرج. فإن قلت: القاعدة عندكم أن العبرة لعموم اللفظ لا لخصوص السبب. قلت: نعم لكن وردت أحاديث كثيرة فأخرجت الآية عن عمومها وأقصرتها على إباحة الوطء في الفرج، ولكن على أي وجه كان.
4528 حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان عن ابن المنكدر سمعت جابر ارضى الله عنه قال كانت اليهود تقول إذا جامعها من ورائها جاء الولد أحول فنزلت * (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم) * (البقرة: 223).
مطابقته للترجمة ظاهرة. وأبو نعيم الفضل بن دكين، وسفيان هو الثوري قاله بعضهم: وذكر الحافظ المزي أنه سفيان بن عيينة، وابن المنكدر. بالنون محمد بن المنكدر.
والحديث أخرجه مسلم في النكاح وغيره عن قتيبة. وأخرجه الترمذي في التفسير عن ابن أبي عمر. وأخرجه النسائي في عشرة النساء عن إسحاق بن إبراهيم وأخرجه ابن ماجة في النكاح عن سهل بن أبي سهل، وغيره.
وظاهر حديث جابر هذا يوهم أنه مطابق لحديث ابن عمر، رضي الله تعالى عنهما، وليس كذلك فإنه روى بوجوه كلها ترجع إلى معنى واحد، فروى الطحاوي من حديث الزهري عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله أن يهوديا قال: إذا نكح الرجل امرأته مجبية خرج ولده أحول فأنزل الله تعالى: * (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم) * إن شئتم مجبية، وإن شئتم غير مجببة إذا كان ذلك في صمام واحد. وأخرجه مسلم أيضا نحوه: وروى الطحاوي أيضا من حديث ابن جريج عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله أن اليهود قالوا للمسلمين: من أتى امرأته وهي مدبرة جاء ولده أحول، فأنزل الله عز وجل: * (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم) * فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مدبرة ومقبلة ما كان في الفرج، وفي رواية لمسلم من طريق سفيان بن عيينة عن ابن المنكدر، بلفظ: إذا أتى الرجل امرأته من دبرها في قبلها، ومن طريق أبي حازم عن ابن المنكدر بلفظ: إذا أتيت المرأة من دبرها فحملت. وقوله: (فحملت) يدل على أن مراده أن الإتيان في الفرج لا في الدبر. وقال الطحاوي: ففي توقيت النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك على الفرج إعلام منه إياهم أن الدبر بخلاف ذلك. قلت: لأن تنصيصه على الفرج ينافي دخول الدبر قوله: (مجبية) من جبى يجبى تجبية، كعلى يعلى تعلية، ومادته جيم وياء موحدة وألف، ومعناه: مكية على وجهها تشبيها بهيئة السجود، وعن سعيد بن المسيب: أنزلت هذه الآية الكريمة في الغزل، أخرجه الدارمي ولفظه (نساؤكم حرث لكم أنى شئتم)، قال: إن شئت فاعزل وإن شئت فلا تعزل، ورواه الطحاوي عن ابن عباس نحوه: وعند الطبري: أن أناسا من حمير أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل منهم: يا رسول الله: إني رجل أحب النساء، فكيف ترى في ذلك؟ فنزلت: وعنده مقاتل، قال: حيي بن أخطب ونفر من اليهود للمسلمين إنه لا يحل لكم جماع النساء إلا مستلقيات، وإنا نجد في كتاب الله عز وجل أن جماع المرأة غير مستلقية دنس عند الله تعالى، فنزلت: وعن ابن عباس الحرث منبت الولد، وقال السدي: هي مزرعة يزع فيها أو يحرث فيها، وقال ابن حزم: ما رويت إباحة الوطء في دبرها إلا عن ابن عمرو وحده باختلاف عنه، وعن مالك باختلاف عنه فقط، وذكر أبو الحسن المرغيناني، أن من أتى امرأته في المحل المكروه فلا حد عليه عند الإمام أبي حنيفة ويعزر، وقال هو كالزنا، وقال أبو زكريا اتفق العلماء الذين يعتد بهم على تحريم وطء المرأة في دبرها قال: وقال أصحابنا: لا يحل الوطء في الدبر في شيء من الآدميين ولا غيرهم من الحيوان على حال من الأحوال.
40 ((باب: * (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن) * (البقرة: 232))
(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»