عمدة القاري - العيني - ج ١٨ - الصفحة ١١٤
ما في قلبه وهو ألد الخصام) * (البقرة: 204) قوله: (ومن الناس)، أراد به الأخنس بن شريق، وكان رجلا حلو المنطق إذا لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ألان له القول وادعى أنه يحبه. وأنه مسلم (ويشهد الله على ما في قلبه) أي يحلف ويقول: الله شاهد على ما في قلبي من محبتك ومن الإسلام، فقال الله في حقه: * (وهو ألد الخصام) *، أي: شديد الجدال والخصومة والعداوة للمسلمين والألد أفعل التفضيل من اللدد وهو: شدة الخصومة، والخصام المخاصمة وإضافة الألد بمعنى في أو يجعل الخصام ألد على المبالغة وقيل: الخصام جمع خصم وصعاب بمعنى: هو أشد الخصوم خصومة.
وقال عطاء النسل الحيوان أي: قال عطاء بن أبي رباح النسل في قوله تعالى: * (ويهلك الحرث والنسل) * (البقرة: 205) الحيوان، ووصله الطبري من طريق ابن جريج قلت لعطاء في قوله تعالى: * (ويهلك الحرث والنسل) * قال: الحرث الزرع، والنسل من الناس والأنعام.
4523 ح دثنا قبيصة حدثنا سفيان عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن عائشة ترفعه أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم.
مطابقته للترجمة ظاهرة. وسفيان هو الثوري، نص عليه الحافظ المروزي، وابن جريج هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، وابن أبي مليكة هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة والحديث مضى في المظالم فإنه أخرجه هناك عن أبي عاصم. قوله: (ترفعه)، أي: ترفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال عبد الله حدثنا سفيان حدثني ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم.
عبد الله هو ابن الوليد العدني، نص عليه المزي، وكذلك سفيان هو الثوري. وأورد هذا التعليق لتصريحه برفع حديث عائشة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو موصول في (جامع سفيان الثوري) وقال بعضهم: يحتمل أن يكون المراد من عبد الله هو الجعفي شيخ البخاري، ويكون سفيان هو ابن عيينة. لأن الحديث أخرجه الترمذي وغيره من رواية ابن عيينة (قلت) يحتمل ذلك، ولكن الحافظ المزي وخلف نصا على أن عبد الله هو ابن الوليد، وأن سفيان هو الثوري، والله سبحانه وتعالى أعلم.
38 ((باب: * (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتيكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء) * إلى * (وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب) * (البقرة: 214)) أي: هذا باب ذكر فيه (أم حسبتم) إلى آخره ذكر عبد الرزاق في (تفسيره): عن قتادة: نزلت هذه الآية في يوم الأحزاب أصاب النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ وأصحابه بلاء وحصر، قاله القرطبي: وهو قول أكثر المفسرين، قال وقيل: نزلت في يوم أحد. وقيل: نزلت تسلية للمهاجرين حين تركوا ديارهم وأموالهم بأيدي المشركين وآثروا رضا الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم. قوله: (أم حسبتم)، قد علم في النحو أن: أم علي نوعين متصلة وهي التي تتقدمها همزة التسوية نحو: * (سواء علينا أجزعنا أم صبرنا) * (إبراهيم: 121) وسميت متصلة لأن ما قبلها وما بعدها لا يستغنى بأحدهما عن الآخر، ومنقطعة وهي التي لا يفارقها معنى الإضراب، وزعم ابن الشجري عن جميع البصريين أنها أبدا بمعنى: بل، وهي مسبوقة بالخبر المحض. نحو: * (تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين أم يقولون افتراه) * (السجدة: 2) ومسبوقة بهمزة لغير الاستفهام. نحو: * (ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها) * (الأعراف: 195) إذ الهمزة فيها للإنكار ثم إن: أم هذه قد اختلفوا فيها، فقال الزجاج: معناها بل حسبتم وقال الزمخشري: منقطعة ومعنى الهمزة فيها للتقرير، وفي (تفسير الجوزي) أم هنا للخروج من حديث إلى حديث، وفي (تفسير ابن أبي السنان) أم، هذه متصلة بما قبلها لأن الاستفهام لا يكون في ابتداء الكلام فلا يقال: أم عند خبر، بمعنى: عندك،
(١١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 ... » »»