عمدة القاري - العيني - ج ١٨ - الصفحة ١٢٠
للمسلمين، وقيل: للمكلفين، قال الكفار مخاطبون بالتفاصيل بشرط الإيمان. قوله: (ويذرون) أي: يتركون. قوله: (أزواجا) أي: زوجات قوله: (يتربصن) أي: بعدهم، وقيل: يحبسن أنفسهن وينتظرون أربعة أشهر وعشرا، وهذا الحكم يشمل الزوجات المدخول بهن بالإجماع إلا المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملا فإنها تعتد بالوضع ولم تمكث بعده سوى لحظة لعموم قوله تعالى: * (وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن) * (الطلاق: 4) وكان ابن عباس يرى أن عليها أن تتربص بأبعد الأجلين من الوضع أو أربعة أشهر وعشرا للجمع بين الآيتين، وكذلك يستثنى منها الزوجة إذا كانت أمة، فإن عدتها على النصف من عدة الحرة: شهران وخمسة أيام، وعن الحسن وبعض الظاهرية التسوية بين الحرائر والإماء. قوله: (وعشرا)، إنما لم يقل وعشرة، ذهابا، إلى الليالي والأيام داخلة فيها ثم الحكمة في هذه المدة ما قاله الراغب: إن الأطباء يقولون إن الولد في الأكثر إذا كان ذكرا يتحرك بعد ثلاثة أشهر، وإذا كان أنثى بعد أربعة أشهر، فجعل ذلك عدة المتوفى عنها زوجها، وزيد عليه عشرة أيام للاستظهار، وخصت العشرة لأنها أكمل الأعداد وأشرفها. وقال سعيد بن أبي عروبة عن قتادة: سألت سعيد بن المسيب: ما بال العشرة؟ قال: فيه ينفخ الروح، وكذا قال أبو العالية: روى عنهما ابن جرير، ومن هنا ذهب أحمد في رواية: إن عدة أم الولد عدة الحرة لأنها صارت فراشا كالحرائر، وروى فيه حديث عمرو بن العاص: لا تلبسوا علينا سنة نبينا عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها أربعة أشهر وعشرا، ورواه أبو داود وابن ماجة أيضا. وذهب إلى هذا أيضا طائفة من السلف منهم، سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير ومجاهد والحسن وابن سيرين والزهري وعمر بن عبد العزيز، وبه كان يأمر يزيد بن عبد الملك بن مروان وهو أمير المؤمنين، وبه يقول الأوزاعي وإسحاق بن راهويه، وقال طاووس وقتادة: عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها نصف عدة الحرة، وقال أبو حنيفة وأصحابه والثوري والحسن بن صالح بن حيى: تعتد بثلاث حيض، وهو قول علي وابن مسعود وعطاء وإبراهيم النخعي، وقال مالك والشافعي وأحمد في المشهور عنه: عدتهن حيضة، وبه يقول ابن عمر والشعبي ومكحول والليث وأبو عبيد وأبو ثور. قوله: (فإذا بلغن أجلهن)، أي: إذا انقضت عدتهن، قاله الضحاك والربيع بن أنس. قوله: (فلا جناح عليكم)، قال الزمخشري: أيها الأئمة وجماعة المسلمين، وقال الزهري: أي: أولياؤها. قوله: (فيما فعلن)، يعني: النساء اللاتي انقضت عدتهن من التعرض للخطاب، وعن الحسن والزهري والسدي: بالنكاح الحلال الطيب. قوله: (بالمعروف)، أي: بالوجه الذي لا ينكره الشرع.
يعفون يهبن أشار به إلى تفسير: يعفون، في قوله تعالى: * (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح) * (البقرة: 1237) وفسره بقوله يهبن، وذكر ابن أبي حاتم أنه قول ابن عباس وشريح وابن المسيب وعكرمة ونافع ومجاهد والشعبي والحسن وابن سيرين ومقاتل وجابر بن زيد وعطاء الخراساني والزهري والضحاك والربيع بن أنس والسدي، قال: وخالفهم محمد بن كعب، فقال: (إلا أن يعفون) يعني: الرجال. قال: وهو قول شاذ لم يتابع عليه انتهى. قلت: هذه اللفظة مشتركة بين جمع الرجال وجمع النساء، تقول: الرجال والنساء يعفون، والفرق تقديري، فالواو في الأول ضمير الرجال والنون علامة الرفع، وفي الثاني الواو لام الفعل والنون ضمير النساء فلهذا لم تعمل فيها أن، ولكن في محل النصب، فوزن جمع المذكر، يعفون، ووزن جمع المؤنث يفعلن، فافهم.
4530 ح دثني أمية بن بسطام حدثنا يزيد بن زريع عن حبيب عن ابن أبي مليكة قال ابن الزبير قلت لعثمان بن عفان: * (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا) * قال قد نسختها الآية الأخرى فلم تكتبها أو تدعها يا ابن أخي لا أغير شيئا من مكانه.
مطابقته للترجمة ظاهرة. وأمية بضم الهمزة وفتح الميم وتشديد الياء آخر الحروف، ابن بسطام بن المنتشر العيشي البصري وهو شيخ مسلم أيضا، ويزيد من الزيادة ابن زريع مصغر زرع بفتح الزاي، وحبيب هو ابن الشهيد أبو محمد
(١٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 ... » »»