عمدة القاري - العيني - ج ١٨ - الصفحة ١٢٩
أن يجاب عما سأله الكرماني، لم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق وهو أفضل؟ بل هو أحق بعدم الشك؟ وجوابه: أنه قال ذلك: تواضعا وهضما لنفسه بأنه لا يخلو عن نظير.
47 ((باب قوله: * (أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب) * إلى قوله * (تتفكرون) * (البقرة: 266)) أي: هذا باب في ذكر قوله: (أيود أحدكم). الآية، هذا المقدار من الآية وقع عند جميع الرواة. قوله: (أيود) الهمزة فيه للإنكار. قاله الزمخشري: وقيل: هو متصل بقوله: (ولا تبطلوا)، وهذه الآية مثل لعمل من أحسن العمل أو لا ثم بعد ذلك انعكس سيره فبدل الحسنات بالسيئات فأبطل بعمله الثاني ما أسلفه فيما تقدم من الصالح، واحتاج إلى شيء من الأول في أضيق الأحوال فلم يحصل منه شيء وخانه أحوج ما كان إليه، ولهذا قال: (وأصابه الكبر) الآية. قوله: (جنة)، أي: بستان. قوله: (من نخيل)، وهو إما جمع نادرا أو اسم جنس، وإنما خص هذين بالذكر لأنهما من أكرم الشجر وأكثر المنافع. قوله: (له فيها من كل الثمرات)، أي: لأحدكم في الجنة من كل الثمرات، وإنما قال هذا بعد ذكر النخيل والأعناب تغليبا لهما على غيرهما، ثم أدرفهما بذكر الثمرات. قيل: يجوز أن يريد بالثمرات المنافع التي كانت تحصل له فيها. قوله: (وأصابه الكبر)، أي: والحال أنه أصابه الكبر. وقيل: عطف ماض على مستقبل قال الفراء: هو جائز لأنه يقع معها لو تقول: وددت لو ذهبت عنا. وودت أن يذهب عنا. قوله: (وله ذرية ضعفاء)، وقرئ: ضعاف. قوله: (فأصابها)، أي الجنة المذكورة. قوله: (إعصار)، وهي الريح الشديدة، وقد مر تفسيره عن قريب، ويجمع على أعاصير. قوله: (فيه نار) أي: في الإعصار نار من السموم الحارة القتالة. قوله: (وكذلك) أي: كما بين الأقاصيص والأمثال (يبين الله لكم الآيات) أي: العلامات (لعلكم تتفكرون) أي: تعتبرون وتفهمون الأمثال والمعاني وتنزلونها على المراد منها.
4538 ح دثنا إبراهيم أخبرنا هشام عن ابن جريج سمعت عبد الله بن أبي مليكة يحدث عن ابن عباس قال وسمعت أخاه أبا بكر بن أبي مليكة يحدث عن عبيد بن عمير قال قال عمر رضي الله عنه يوما لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيم ترون هاذه الآية نزلت أيود أحدكم أن تكون له جنة قالوا الله أعلم فغضب عمر فقال قولوا نعلم أو لا نعلم فقال ابن عباس في نفسي منها شيء يا أمير المؤمنين قال عمر يا ابن أخي قل ولا تحقر نفسك قال ابن عباس ضربت مثلا لعمل قال عمر أي عمل قال ابن عباس لعمل قال عمر لرجل غني يعمل بطاعة الله عز وجل ثم بعث الله له الشيطان فعمل بالمعاصي حتى أغرق أعماله.
مطابقته للترجمة ظاهرة وإبراهيم هو ابن موسى الفراء، وهشام هو ابن يوسف الصنعاني، وابن جريج هو عبد العزيز بن عبد الملك ابن جريج. وأبو بكر بن أبي مليكة لا يعرف اسمه.. قاله بعضهم: وقال الكرماني: وأخوه عبد الله أيضا يكنى بأبي بكر تارة وتارة بأبي محمد، وعبيد بن عمير كلاهما مصغران أبو عاصم الليثي المكي ولد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وسماعه من عمر صحيح قوله: (وسمعت أخاه) هو مقول ابن جريج والحديث من أفراده.
قوله: فيم، بكسر الفاء وسكون الياء آخر الحروف أي في أي شيء قوله: (ترون) بضم أوله. قوله: (شيء) أي: من العلم به. قوله: (مثلا) بفتحتين قال أهل البلاغة: التشبيه التمثيلي متى فشى استعماله على سبيل الاستعارة يسمى مثلا قوله: غني اسم في مقابل الفقير ويروى عني. من العناية على لفظ المجهول. قوله: (أغرق) بالغين المعجمة. أي: أضاع أعماله الصالحة بما ارتكب من المعاصي. قيل: فيه دليل للمعتزلة في مسألة إحباط الطاعة بالمعصية، ورد بأن الكفر محبط للأعمال والأغراق. لا يستلزم الإحباط.
48 ((باب: * (لا يسألون الناس إلحافا) * (البقرة: 273)) .
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»