هو عروة يريد أن يبين مراد عائشة، فأشار إلى أن إطلاق النفي في قوله: * (إنك لا تسمع الموتى) * (النحل: 80، الروم: 52). مقيد بحالة استقرارهم في النار، وهو معنى قوله: (حين تبوؤا) أي: حين اتخذوا مقاعدهم في النار قيل: فعلى هذا لا معارضة بين إنكار عائشة وإثبات ابن عمر. قلت: الرواية التي بعد هذا تدل على إنكارها مطلقا يعلم ذلك بالتأمل.
3981 حدثني عثمان حدثنا عبدة عن هشام عن أبيه عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال وقف النبي صلى الله عليه وسلم على قليب بدر فقال هل وجدتم ما وعد ربكم حقا ثم قال إنهم الآن يسمعون ما أقول فذكر لعائشة فقالت إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم إنهم الآن ليعلمون أن الذي كنت أقول لهم هو الحق ثم قرأت * (إنك لا تسمع الموتى) * (النحل: 80، الروم: 52). حتى قرأت الآية. (انظر الحديث 1370 وطرفه). (انظر الحديث 1371 وطرفه).
هذا طريق آخر في الحديث السابق أخرجه عن عثمان بن محمد بن أبي شيبة، واسمه إبراهيم العبسي الكوفي، وهو شيخ مسلم أيضا، وعبدة، بفتح العين وسكون الباء الموحدة: ابن سليمان الكلابي الكوفي. قوله: (فذكر) بضم الدال أي: ذكر ما قال ابن عمر (لعائشة، رضي الله تعالى عنها، فقالت...) وإن كانوا أحياء صورة، وكذا المراد من الآية الأخرى وقال الزمخشري في قوله: * (إنك لا تسمع الموتى) * (النمل: 80، الروم: 52). شبهوا بالموتى وهم أحياء لأن حالهم كحال الأموات، وفي قوله: * (وما أنت بمسمع من في القبور) * (النمل: 80، الروم: 52). أي: الذين هم كالمقبورين.
3978 حدثني عبيد بن إسماعيل حدثنا أبو أسامة عن هشام عن أبيه قال ذكر عند عائشة رضي الله تعالى عنها أن ابن عمر رفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن الميت يعذب في قبره ببكاء أهله فقالت وهل ابن عمر رحمه الله إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه ليعذب بخطيئته وذنبه وإن أهله ليبكون عليه الآن. قالت وذاك مثل قوله إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على القليب وفيه قتلى بدر من المشركين فقال لهم ما قال إنهم ليسمعون ما أقول إنما قال إنهم الآن ليعلمون أن ما كنت أقول لهم حق ثم قرأت * (إنك لا تسمع الموتى) * (النمل: 280، الروم: 52). * (وما أنت بمسمع من في القبور) * (فاطر: 22). تقول حين تبوؤا مقاعدهم من النار. (انظر الحديث 1371 وطرفه).
مطابقته للترجمة من حيث إن له تعلقا بقضية بدر، أو تقول: لقوله: وغيره، في: باب قصة غزوة بدر، وغيره على تقدير وجود لفظ: وغيره، في بعض النسخ كما ذكرناه.
وعبيد بضم العين ابن إسماعيل أبو محمد الهباري القرشي الكوفي، وأبو أسامة حماد ابن أسامة وهشام هو ابن عروة بن الزبير.
قوله: (ذكر) على صيغة المجهول، وفي رواية الإسماعيلي: أن عائشة بلغها قوله: (إن ابن عمر رفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم) يعني: قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: يعذب الميت... إلى آخره، في حديث مطول، ومر الكلام فيه هناك. قوله: (فقالت)، أي: عائشة (وهل ابن عمر) بكسر الهاء، أي: غلط وزنا ومعنى، وأما: وهل، بفتح الهاء فمعناه: فزع ونسي. قوله: (إنما قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: إنه ليعذب بخطيئته وذنبه) والحال أن أهله ليبكون عليه الآن، وهذا وجه رد عائشة على ابن عمر، والحاصل هنا أن ابن عمر حمل كلامه، صلى الله عليه وسلم على الحقيقة، وأن عائشة حملته على المجاز حيث أولته بما ذكرته. قوله: (قالت)، أي: عائشة. (وذاك مثل قوله) أي: الذي قاله ابن عمر هنا قوله: إن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلى قوله: (حق)، ولفظ: مثل، في قوله: فقال لهم مثل ما قال، وقع في رواية الكشميهني: وفي رواية غيره: (فقال لهم ما قال) أي: ابن عمر. قوله: (إنهم ليسمعون)، بيان له أو بدل، ووجه المشابهة بينهما حمل ابن عمر على الظاهر، والمراد منهما أي: من الحديثين غير الظاهر. قوله: (إنما قال) أي: النبي صلى الله عليه وسلم: (إنهم الآن ليعلمون أنما كنت أقول لهم حق) أرادت بذلك أن لفظ الحديث أنهم ليعلمون وأن ابن عمر وهم في قوله: (ليسمعون) وقال البيهقي: العلم لا يمنع من السماع، وقال الإسماعيلي: إن كانت عائشة قالت ما قالته رواية، فرواية ابن عمر أنهم ليسمعون وعلمهم لا يمنع من سماعهم. قوله: (ثم قرأت عائشة...) إلى آخره، أرادت بذلك تأكيد ما ذهبت إليه. وأجيب عن الآية: بأن الذي يسمعهم هو الله تعالى، والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم لا يسمعهم، ولكن الله أحياهم حتى سمعوا، كما قال قتادة. وقال السهيلي: وعائشة لم تحضر وغيرها ممن حضر حفظا للفظه، وقد قالوا له: أتخاطب قوما قد جيفوا؟ فقال: ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، وإذا جاز أن يكونوا سامعين، إما بآذان رؤوسهم إذا قلنا إن الأرواح تعاد إلى الأجساد عند المسألة، وهو قول الأكثر من أهل السنة، وإما بآذان القلب والروح، على مذهب من يقول: يتوجه السؤال إلى الروح من غير رجوع منه إلى الجسد أو إلى بعضه. قوله: يقول القائل هو عروة يريد أن يبين مراد عائشة، فأشار إلى أن إطلاق النفي في قوله: * (إنك لا تسمع الموتى) * (النحل: 80، الروم: 52). مقيد بحالة استقرارهم في النار، وهو معنى قوله: (حين تبوؤا) أي: حين اتخذوا مقاعدهم في النار قيل: فعلى هذا لا معارضة بين إنكار عائشة وإثبات ابن عمر. قلت: الرواية التي بعد هذا تدل على إنكارها مطلقا يعلم ذلك بالتأمل.
3981 حدثني عثمان حدثنا عبدة عن هشام عن أبيه عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال وقف النبي صلى الله عليه وسلم على قليب بدر فقال هل وجدتم ما وعد ربكم حقا ثم قال إنهم الآن يسمعون ما أقول فذكر لعائشة فقالت إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم إنهم الآن ليعلمون أن الذي كنت أقول لهم هو الحق ثم قرأت * (إنك لا تسمع الموتى) * (النحل: 80، الروم: 52). حتى قرأت الآية. (انظر الحديث 1370 وطرفه). (انظر الحديث 1371 وطرفه).
هذا طريق آخر في الحديث السابق أخرجه عن عثمان بن محمد بن أبي شيبة، واسمه إبراهيم العبسي الكوفي، وهو شيخ مسلم أيضا، وعبدة، بفتح العين وسكون الباء الموحدة: ابن سليمان الكلابي الكوفي. قوله: (فذكر) بضم الدال أي: ذكر ما قال ابن عمر (لعائشة، رضي الله تعالى عنها، فقالت...) وإن كانوا أحياء صورة، وكذا المراد من الآية الأخرى وقال الزمخشري في قوله: * (إنك لا تسمع الموتى) * (النمل: 80، الروم: 52). شبهوا بالموتى وهم أحياء لأن حالهم كحال الأموات، وفي قوله: * (وما أنت بمسمع من في القبور) * (النمل: 80، الروم: 52). أي: الذين هم كالمقبورين.
9 ((باب فضل من شهد بدرا)) أي: هذا باب في بيان فضل من شهد غزوة بدر مع النبي صلى الله عليه وسلم، من المسلمين مقاتلا للمشركين، وكان ينبغي أن يقول: باب أفضلية من شهد بدرا، لأن المراد بيان ذلك لا بيان مطلق الفضل.
3982 حدثني عبد الله بن محمد حدثنا معاوية بن عمر و حدثنا أبو إسحاق عن حميد قال سمعت أنسا رضي الله تعالى عنه يقول أصيب حارثة يوم بدر وهو غلام فجاءت أمه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله قد عرفت منزلة حارثة مني فإن يكن في الجنة أصبر وأحتسب وإن تك الأخرى ترى ما أصنع فقال ويحك أو هبلت أو جنة واحدة هي إنها جنان كثيرة وإنه في جنة الفردوس.
مطابقته للترجمة ظاهرة، ومعاوية بن عمرو بن المهلب الأزدي، بالزاي: البغدادي، روى عنه البخاري بلا واسطة في الجمعة في: باب إذا نفر الناس، وأبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن الحارث بن أسماء بن خارجة بن حصين بن حذيفة بن بدر الفزاري، أحد الأعلام، قال أبو حاتم: ثقة مأمون إمام، مات بالمصيصة سنة ست وثمانين ومائة.
والحديث مضى في كتاب الجهاد من حديث قتادة عن أنس.
قوله: (أصيب حارثة)، بالحاء المهملة والراء والثاء المثلثة: ابن سراقة، بضم السين المهملة: الأنصاري، وهو أول قتيل قتل من الأنصار ببدر، وكان خرج نظارا، وهو غلام، فرماه حبان بن العرقة بسهم وهو يشرب من الحوض فقتله. قوله: (أمه) هي: الربيع، بضم الراء وفتح الباء الموحدة وتشديد الياء آخر الحروف وبالعين المهملة: بنت النضر، عمة أنس بن مالك. قوله: (ترى)، ويروى: (تر)، بالجزم وهو مثل قوله تعالى: * (أينما تكونوا يدرككم الموت) * (النساء: 78). قرىء بالرفع، فقيل: هو على حذف الفاء كأنه قيل: فيدرككم. قوله: (ويحك) هو كلمة ترحم وإشفاق، وقال الداودي: هو توبيخ. قوله: (أو هبلت؟) الهمزة فيه للاستفهام، والواو مفتوحة للعطف على مقدر، ولقد غلط صاحب (التوضيح) فقال: أو هبلت، بلفظ صيغة المعلوم والمجهول، فقيل: صيغة المجهول رواية أبي الحسن، وصيغة المعلوم رواية أبي ذر من قولهم: هبلته، أي: ثكلته، وهبله اللحم أي: غلب عليه، وقيل: