عمدة القاري - العيني - ج ١٧ - الصفحة ٣٠٥
(لما حاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم الطائف) كانت مدة المحاصرة ثمانية عشر يوما، ذكره ابن سعد، ويقال: خمسة عشر يوما، وقال ابن هشام: سبعة عشر يوما، وعن مكحول: أنه صلى الله عليه وسلم، نصب المنجنيق على أهل الطائف أربعين يوما، وفي (الجمع بين الصحيحين) لأبي نعيم الحداد حصار الطائف كان أربعين ليلة، وروى يونس عن ابن إسحاق: ثلاثين ليلة أو قريبا من ذلك، وفي (السير) لسليمان بن طرخان أبي المعتمر: حاصرهم شهرا. وعند الزهري وابن حبان: بضع عشرة ليلة، وصححه ابن حزم، وعن الربيع بن سالم: عشرين يوما. قوله: (إنا قافلون) أي: راجعون إلى المدينة قوله: (فثقل عليهم)، يعني: قوله: (إنا قافلون)، وبين سبب ذلك بقولهم: نذهب ولا نفتحه؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (أغدو على القتال)، يعني يروا أول النهار لأجل القتال. قوله: (فأصابهم جراح)، أي: من السهام والحجارة وسكك الحديد المحماة. قوله: (فأعجبهم) أي: قوله: (إنا قافلون غدا، إن شاء الله)، لأنهم كانوا تألموا منهم، فلما سمعوا من النبي صلى الله عليه وسلم، القفول فرحوا، فلذلك ضحك صلى الله عليه وسلم. قوله: (وقال سفيان)، أي: ابن عيينة الراوي (مرة: فتبسم) وهذا ترديد منه. قوله: (قال الحميدي حدثنا سفيان الخبر كله)، بالنصب أي: أخبرنا سفيان بجميع الحديث بلفظ: أخبرنا وأخبرني لا بغيره مثل العنعنة، ووقع في رواية الكشميهني: بالخبر كله.
4327 حدثنا محمد بن بشار حدثنا غندر حدثنا شعبة عن عاصم قال سمعت أبا عثمان قال سمعت سعدا وهو أول من رمى بسهم في سبيل الله وأبا بكرة وكان تسور حصن الطائف في أناس فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالا سمعنا النبي صلى الله عليه وسلم يقول من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم فالجنة عليه حرام.
مطابقته للترجمة في قوله: (وكان) أي: أبو بكرة (تسور حصن الطائفة) ولم يقع هذا إلا في وقت حصار النبي صلى الله عليه وسلم.
وغندر قد مر غير مرة وهو محمد بن جعفر، وعاصم هو ابن سليمان، وأبو عثمان هو عبد الرحمن النهدي، بالنون، وسعد هو ابن أبي وقاص أحد العشرة المبشرة، وأبو بكرة اسمه نفيع، بضم النون وفتح الفاء وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره عين مهملة: ابن مسروح، ويقال: نفيع بن كلدة، وكان من عبيد الحارث بن كلدة بن عمرو الثقفي غلبت عليه كنيته، واسم أمه سمية أمة للحارث بن كلدة، وهي أم زياد بن أبي سفيان، وتدلى أبو بكرة من حصن الطائف ببكرة ونزل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكناه صلى الله عليه وسلم: أبا بكرة، وسكن البصرة ومات بها في سنة إحدى وخمسين، وكان ممن اعتزل يوم الجمل لم يقاتل مع واحد من الفريقين، وكان من فضلاء الصحابة رضي الله تعالى عنهم.
قوله: (وكان تسور حصن الطائف) لأنه أسلم وهو في الحصن وعجز عن الخروج منه إلا بهذا الطريق، وتسور الحائط أي: تسلقه. قوله: (في أناس)، يعني من عبيد أهل الطائف، وذكر في الطبقات بضعة عشر رجلا منهم: المنبعث عبد عثمان بن عامر بن معتب، وكان اسمه المضطجع، فبدل رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمه، ومنهم: الأزرق عبد الحارث بن كلدة المتطبب وزوج سمية مولاة الحارث وأم زياد، ثم حالف بني أمية لأن النبي صلى الله عليه وسلم دفعه إلى خالد بن سعيد بن العاص ليعلمه الإسلام، ومنهم: وردان كان لعبد الله بن ربيعة وهو جد الفرات بن زيد بن وردان، ومنهم: يحنس النبال كان لابن مالك الثقفي، ومنهم: إبراهيم بن جابر كان لخرشة الثقفي، ومنهم: بشار كان لعثمان بن عبد الله، ومنهم: نافع مولى الحارث بن كلدة، ومنهم: نافع مولى غيلان بن سلمة الثقفي، وهؤلاء الذين وجدنا أساميهم ليس إلا وجعل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولاء هؤلاء العبيد لساداتهم حين أسلموا. قوله: (من ادعى إلى غير أبيه)، أي: من انتسب إلى غير أبيه (فالجنة عليه حرام) إما على سبيل التغليظ، وإما أنه إذا استحل ذلك.
وقال هشام وأخبرنا معمر عن عاصم عن أبي العالية أو أبي عثمان النهدي قال سمعت سعدا وأبا بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال عاصم قلت لقد شهد عندك رجلان
(٣٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 301 302 302 303 304 305 306 307 308 309 310 ... » »»