اقتلعها جبريل، عليه الصلاة والسلام، من موضعها فأصبحت كالصريم وهو الليل، ثم سار بها إلى مكة شرفها الله تعالى فطاف بها حول البيت ثم أنزلها حيث الطائف اليوم، فسمى بها وكانت تلك الجنة بضوران على فرسخ من صنعاء ومن ثم كان الماء والشجر بالطائف دون ما حوله من الأرض وكانت قصة هذه الجنة بعد عيسى، عليه الصلاة والسلام، بيسير.
في شوال سنة ثمان قاله موسى بن عقبة أي: كانت غزوة الطائف في شوال سنة ثمان، قاله موسى بن عقبة بالقاف صاحب (المغازي) وعلى قول الجمهور من أهل المغازي.
4324 حدثنا الحميدي سمع سفيان حدثنا هشام عن أبيه عن زينب ابنة أبي سلمة عن أمها أم سلمة رضي الله عنها دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم وعندي محنث فسمعته يقول لعبد الله بن أبي أمية يا عبد الله أرأيت إن فتح الله عليكم الطائف غدا فعليك بابنة غيلان فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا يدخلن هاؤلاء عليكن.
وجه ذكر هذا الحديث هو أن فيه ذكر فتح الطائف، والحميدي هو عبد الله بن الزبير نسب إلى أحد أجداده، وسفيان هو ابن عيينة، وهشام هو ابن عروة بن الزبير، وزينب ابنة أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد المخزومي وكان اسمها برة فسماها النبي صلى الله عليه وسلم، زينب، واسم أمها أم سلمة هند بنت أبي أمية المخزومية زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وفي هذا الإسناد، لطيفة: هشام عن أبيه وهما تابعيان وزينب وأمها وهما صحابيتان.
والحديث أخرجه البخاري أيضا عن محمود بن غيلان هنا وفي النكاح أيضا عن عثمان بن أبي شيبة وفي اللباس عن أبي غسان مالك بن إسماعيل. وأخرجه مسلم في الاستئذان عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره. وأخرجه النسائي في عشرة النساء عن محمد بن آدم وغيره. وأخرجه ابن ماجة في النكاح وفي الحدود عن أبي بكر بن أبي شيبة.
قوله: (مخنث) قال النووي: بكسر النون وفتحها والكسر أفصح والفتح أشهر وهو الذي خلقه خلق النساء، سمي به لانكسار كلامه ولينه، يقال: خنثت الشيء فتخنث أي: عطفته فتعطف. قوله: (يا عبد الله) هو أخو أم سلمة راوية الحديث، وكان إسلامه مع أبي سفيان بن الحارث في غزوة الفتح واستشهد بالطائف أصابه سهم فمات منه. قوله: (أرأيت؟) أي: أخبرني. قوله: (فعليك)، أي: إلزم ابنة غيلان، بفتح الغين المعجمة وسكون الياء آخر الحروف وبالنون واسم ابنته: بادية ضد الحاضرة وقيل: بادنة، بالنون بعد الدال وقال أبو نعيم: أسلمت وسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن الاستحاضة، وأبو غيلان بن سلمة بن معتب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن قيس، وهو ثقفي أسلم بعد فتح الطائف ولم يهاجر وهو أحد من قال: * (لولا أنزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم) * (الزخرف: 31) وكان أبيض طوالا جعدا فخما جميلا، ولما وفد على كسرى واستحسن عقله، قال له كسرى: ما غذاؤك؟ قال: البر. قال كسرى: هذا العقل من البر لا من اللبن والتمر، وذكر المبرد أن كسرى قال هذا لهوزة بن علي، قال السهيلي: والصحيح عند الإخبار بين أنه قاله لغيلان، وكذا قاله أبو الفرج الأصبهاني، وأم غيلان سبيعة بنت عبد شمس، وكان شاعرا محسنا توفي في آخر خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه. قوله: (فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان) قال: بثمان، ولم يقل: بثمانية، لأنه أراد الأطراف وهي مذكرة لأنه لم يذكرها، وكذلك بأربع ولم يقل: بأربعة، لأن العكن واحدتها عكنة وهو من التأنيث المعنوي، يقال: أربع على تأنيث العدد. وقال الخطابي، يريد أربع عكن في البطن من قدامها، فإذا أقبلت رؤيت مواضعها شاخصة منكسرة الغضون وأراد بالثمان أطراف هذه العكن من ورائها عند منقطع الجنبين. قلت: حاصله أن السمينة يحصل لها في بطنها أربع عكن ويرى من الوراء لكل عكنة طرفان، وقال الخطابي: وهذا إنما كان يؤذن له على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم على أنه من جملة غير أولى إلا ربة من الرجال فلم ير بأسا به، وقال ابن الكلبي، إنه قال: تغدو وتدبر بمثان، مع ثغر كالأقحوان إن قعدت تثنت وإن تكلمت تغنت، بين رجليها مثل الإناء المكفوف، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع، فقال: لقد غلغلت النظر إليها يا عدو الله، ثم أجلاه عن المدينة إلى الحمى، فلما فتح الطائف