الدال المهملة وبالثاء المثلثة الخفيفة، وهو الذي فوق الشعار، وهو كناية عن فرط قربهم منه، وأراد أنهم بطانته وخاصته وأنهم ألصق به وأقرب إليه من غيرهم، قوله: (آثرة) بضم الهمزة وسكون الثاء المثلثة وبفتحتين، وهو اسم من آثر يؤثر إيثارا إذا أعطى. قال ابن الأثير: أراد أنه يؤثر عليكم فيفضل غيركم من نصيبه من الفيء، ويروى إثرة، بكسر أوله مع الإسكان أي: الانفراد بالشيء المشترك دون من يشاركه فيه. قوله: (على الحوض)، أي: يوم القيامة، وفي رواية الزهري: حتى تلقوا الله ورسوله فإني على الحوض، أي: اصبروا حتى تموتوا فإنكم ستجدوني عند الحوض، فيحصل لكم الانتصاف ممن ظلمكم، والثواب الجزيل على الصبر.
4331 حدثني عبد الله بن محمد حدثنا هشام أخبرنا معمر عن الزهري قال أخبرني أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال ناس من الأنصار حين أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم ما أفاء من أموال هوازن فطفق النبي صلى الله عليه وسلم يعطي رجالا المائة من الإبل فقالوا يغفر الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي قريشا ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم قال أنس فحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمقالتهم فأرسل إلى الأنصار فجمعهم في قبة من أدم ولم يدع معهم غيرهم فلما اجتمعوا قام النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما حديث بلغني عنكم فقال فقهاء الأنصار أما رؤساؤنا يا رسول الله فلم يقولوا شيئا وأما ناس منا حديثة أسنانهم فقالوا يغفر الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم يعطى قريشا ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم فإني أعطي رجالا حديثي عهد بكفر أتألفهم أما ترضون أن يذهب الناس بالأموال وتذهبون بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى رحالكم فوالله لما تنقلبون به خير مما ينقلبون به قالوا يا رسول الله قد رضينا فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم ستجدون أثرة شديدة فاصبروا حتى تلقوا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فإني على الحوض قال أنس فلم يصبروا..
مطابقته للترجمة في قوله: (من أموال هوازن). وهشام هو ابن يوسف الصنعاني.
قوله: (فطفق)، من أفعال المقاربة، من الأفعال التي وضعت للدلالة على الشروع فيه، وخبره يكون جملة وهو هنا، قوله: (يعطي). قوله: (المائة)، منصوب بقوله: (يعطي). قوله: (وسيوفنا تقطر) من باب القلب. قوله: (فحدث)، على صيغة المجهول أي: أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بمقالتهم، وقال ابن إسحاق عن أبي سعيد الخدري: إن الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بمقالتهم سعد بن عبادة. قوله: (من آدم)، بفتحتين جمع أديم، وهو الجلد الذي تم دباغه، وقال السيرافي: لم يجمع فعيل على فعل إلا أديم وأدم، وأفيق وافق، وقضيم وقضم، والقضم الصحيفة وهو بالقاف والضاد المعجمة. قوله: (غيرهم) أي: غير الأنصار قوله: (قام النبي صلى الله عليه وسلم)، أي: قام خطيبا. قوله: (رؤساؤنا)، جمع الرئيس ويروى: ريسانا، بكسر الراء بعدها الياء آخر الحروف. قوله: (حديثي عهد) أصله: حديثين. عهد فلما أضيف إلى العهد سقطت النون. قوله: (لما تنقلبون)، أي: للذي تنقلبون به، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم خير مما ينقلب هؤلاء بالأموال، واللام في: لما، بالفتح لأنه كلام التأكيد، وكلمة: ما، موصولة مبتدأ، وخبره قوله: (خير). قوله: (أثرة شديدة)، وجه الشدة أنهم يستأثرون عليهم بما لهم، فيه اشتراك في الاستحقاق.
4332 حدثنا سليمان بن حرب حدثنا شعبة عن أبي التياح عن أنس قال لما كان يوم فتح مكة قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائم بين قريش فغضبت الأنصار قال النبي صلى الله عليه وسلم