عمدة القاري - العيني - ج ١٧ - الصفحة ٢٧٧
ابن مهران الحذاء البصري.
والحديث انفرد به البخاري ولكن فيه إشكال نبه عليه الدمياطي، وهو أن قوله: (خرج النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان إلى حنين) وقع كذا، ولم تكن غزوة حنين في رمضان، وإنما كانت في شوال سنة ثمان، وقال ابن التين: لعله يريد آخر رمضان لأن حنينا كانت عام ثمان إثر فتح مكة، وفيه نظر لأنه صلى الله عليه وسلم خرج من المدينة في عاشر رمضان فقدم مكة في وسطه وأقام بها تسعة عشر يوما كما سيأتي في حديث ابن عباس، فيكون خروجه إلى حنين في شوال. وأجيب: بأن مراده أن ذلك في غير زمن الفتح، وكان في حجة الوداع أو غيرها، وفيه نظر، لأن المعروف أن حنينا في شوال عقيب الفتح. وقال الداودي: صوابه إلى خيبر أو مكة، لأنه صلى الله عليه وسلم قصدها في هذا الشهر، فأما حنين فكانت بعد الفتح بأربعين ليلة وكان قصد مكة أيضا في هذا الشهر، ورد عليه قوله: إلى خيبر، لأن الخروج إليها لم يكن في رمضان، وأجاب المحب الطبري عن الإشكال المذكور: بأن يكون المراد من قوله: (خرج النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان إلى حنين) أنه قصد الخروج إليها وهو في رمضان، فذكر الخروج وأراد القصد بالخروج ومثل هذا شائع ذائع في الكلام.
(وحنين) بضم الحاء المهملة وفتح النون وسكون الياء آخر الحروف ونون أخرى: واد بمكة بينه وبين مكة بضعة عشر ميلا، وسبب حنين أنه لما اجتمع صلى الله عليه وسلم على الخروج من مكة لنصرة خزاعة أتى الخبر إلى هوازن أنه يريدهم فاستعدوا للحرب حتى أتوا سوق ذي المجاز، فسار صلى الله عليه وسلم حتى أشرف على وادي حنين مساء ليلة الأحد، ثم صالحهم يوم الأحد النصف من شوال. قوله: (والناس مختلفون) يحتمل اختلافهم في كون بعضهم صائمين وبعضهم مفطرين، ويحتمل اختلافهم في أن النبي صلى الله عليه وسلم أصائم أو مفطر؟ قوله: فصائم أي: بعضهم صائم، وبعضهم مفطر. قوله: (بإناء من لبن أو ماء) شك من الراوي، قال الداودي: يحتمل أن يكون دعا بهذا مرة وبهذا مرة، ورد عليه بأن الحديث واحد والقصة واحدة فلا دليل على التعدد. قلت: ابن التين قال: إنه كانت قضيتان: إحداهما في الفتح والأخرى في حنين، والصواب: أن الراوي قد شك فيه، ويؤيده رواية طاوس عن ابن عباس في آخر الباب: دعا بإناء من ماء فشرب نهارا. قوله: (فوضعه على راحته) ويروى: على راحلته. قوله: (للصوام) بضم الصاد وتشديد الواو جمع صائم وفي رواية أبي ذر: للصوم، بدون الألف، وهو أيضا جمع صائم، وفي رواية الطبري في (تهذيبه): فقال المفطرون للصوام: أفطروا يا عصاة.
وقال عبد الرزاق أخبرنا معمر عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما خرج النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح..
أخرجه هكذا معلقا مختصرا، ووصله أحمد عن بعد الرزاق، وبقيته: خرج النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح في شهر رمضان فصام حتى مر بغدير في الطريق الحديث.
وقال حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا أيضا معلق، وهكذا وقع في بعض نسخ أبي ذر عن ابن عباس، وفي رواية غيره ليس فيه عن ابن عباس، وبه جزم الدارقطني وأبو نعيم في (المستخرج) وكذلك وصله البيهقي من طريق سليمان بن حرب أحد مشايخ البخاري عن حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة، فذكر الحديث بطوله في فتح مكة، ثم قال في آخره، لم يجاوز به أيوب عن عكرمة.
4279 حدثنا علي بن عبد الله حدثنا جرير عن منصور عن مجاهد عن طاوس عن ابن عباس قال سافر رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان فصام حتى بلغ عسفان ثم دعا بإناء من ماء فشرب نهارا ليريه الناس فأفطر حتى قدقم مكة قال وكان ابن عباس يقول صام رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر وأفطر فمن شاء صام ومن شاء أفطر..
(٢٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 ... » »»