عمدة القاري - العيني - ج ١٧ - الصفحة ٢٣
مالك بن صعصعة. ومنها: ههنا عن هدبة أيضا، فانظر إلى تفاوت ما بين روايتي هدبة من زيادة ونقصان.
النوع الرابع: في أن مسلما أخرجه في الإيمان عن موسى، وأخرجه الترمذي في التفسير عن محمد بن بشار وعن ابن أبي عدي ببعضه، وقال: وفي الحديث قصة. وأخرجه النسائي في الصلاة عن يعقوب بن إبراهيم الدورقي بطوله وعن إسماعيل بن مسعود وطول فيه.
النوع الخامس: في معناه: فقوله: (أن نبي الله) ويروى: أن النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: (حدثهم)، ويروى: حدثني، بإفراد الضمير المنصوب. قوله: (عن ليلة أسري به)، على صيغة المجهول وهي صفة لليلة، والضمير فيه يرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا رواية الكشميهني بزيادة لفظة: به، وفي رواية غيره: أسرى، دون لفظ: به. قوله: (بينا أنا)، قد ذكرنا غير مرة أن: بين، ظرف زيدت فيه الألف وربما تزاد فيه الميم أيضا، ويضاف إلى جملة وهي مبتدأ، (وفي الحطيم) خبره أي: كائن أو مستقر فيه، والمراد بالحطيم الحجر هنا على الأصح، واستبعد قول من قال: المراد به ما بين الركن والمقام، أو بين زمزم والحجر، وسمي الحطيم لأنه حطم من جداره فلم يسو ببناء الكعبة وترك خارجا منه. وقال النضر: إنما سمي الحجر حطيما لأن البيت رفع وترك ذلك محطوما، وكذلك قال الخطابي. قوله: (وربما قال في الحجر)، هو شك من قتادة. قوله: (مضطجعا) نصب على الحال من قوله: (أنا) وفي رواية: بين النائم واليقظان. فإن قلت: في رواية شريك التي تأتي في التوحيد في آخر الحديث: فلما استيقظت قلت: إن كانت القصة متعددة فلا إشكال، وإلا فالمعنى: أفقت مما كنت فيه من شغل البال بمشاهدة الملكوت. فإن قلت: قد تقدم في أول بدء الخلق: بينا أنا عند البيت، ووقع في رواية الزهري عن أنس عن أبي ذر فرج سقف بيتي وأنا بمكة، وفي رواية الواقدي بأسانيده: أنه أسري به من شعب أبي طالب، وفي حديث أم هانىء عند الطبراني: أنه بات في بيتها، قالت: ففقدته من الليل، فقال: إن جبريل، عليه الصلاة والسلام أتاني. قلت: الجمع بين هذه الأقوال أنه صلى الله عليه وسلم، نام في بيت أم هانىء، و، بيتها عند شعب أبي طالب، ففرج سقف بيته، وأضاف البيت إليه لكونه كان يسكنه فنزل منه الملك فأخرجه من البيت إلى المسجد فكان به مضطجعا وبه أثر النعاس، ثم أخرجه الملك إلى باب المسجد فأركبه البراق. قوله: (إذ أتاني)، جواب: بينا، قوله: (آت)، هو جبريل، عليه الصلاة والسلام، وأصله: أتى فاعل إعلال قاض. قوله: (فقد)، بالقاف وتشديد الدال أي: فشق، وهو المستفاد من قوله: قال: وسمعته يقول: فشق، وفاعل: قال، قتادة، والمقول عنه أنس، وتوضحه رواية أحمد، قال قتادة: وربما سمعت أنسا يقول: فشق. قوله: (فقلت للجارود)، القائل قتادة، والجارود بالجيم وضم الراء وبالدال المهملة: ابن أبي سبرة، بفتح السين المهملة وسكون الباء الموحدة وبالراء: الهذلي التابعي، صاحب أنس، وقد أخرج له أبو داود من روايته عن أنس حديثا غير هذا. قوله: (من ثغرة)، بضم الثاء المثلثة وسكون الغين المعجمة، وهي ثغرة النحر التي بين الترقوتين. قوله: (إلى شعرته)، بكسر الشين المعجمة: وهو شعر العانة، قوله: (من قصه) بفتح القاف وتشديد الصاد المهملة، وهو رأس الصدر. قوله: (إلى شعرته) وقال الكرماني: ويروى بدل الشعرة: الثنة، بضم الثاء المثلثة وتشديد النون وهي ما بين السرة والعانة، وقد استنكر بعضهم وقوع شق الصدر ليلة المعراج، وقال: إنما كان ذلك وهو صغير في بني سعد ورد بأنه ثبت شق الصدر أيضا عند البعثة، ثم وقع أيضا عند إرادة العروج إلى السماء، ولا إنكار في ذلك لكونه من الأمور الخارقة للعادة لصلاحية القدرة وإظهار المعجزة، ثم الحكمة في الأول وهو في حال الطفولية لينشأ على أكمل الأحوال من العصمة من الشيطان، ولهذا قال في حديث أنس عند مسلم: هذا حظ الشيطان منك وذلك العلقة التي أخرجها وفي الثاني: أعني: عند البعث ليتلقى ما يوحى إليه بقلب قوي في أكمل الأحوال. وفي الثالث: أعني: عند العروج إلى السماء ليتأهب للمناجاة. قوله: (بطست) بفتح الطاء وكسرها وسكون السين المهملة وبالتاء المثناة من فوق، وقد تحذف وهو الأكثر، وقد يؤنث باعتبار الآنية وإنما خص الطست لكونه أشهر آلات الغسل عرفا، وخص الذهب لكونه الأعلى أواني الحسية وأصفاها، ولأن للذهب خواص ليست لغيره وهي أنه لا تأكله النار ولا يبليه التراب ولا يلحقه الصدى وهو أثقل الجواهر، فناسب ثقل الوحي. فإن قلت: استعمال الذهب حرام للرجال؟ قلت: لعل ذلك قبل التحريم، وقيل: إنه مخصوص بأحوال الدنيا وما وقع في تلك الليلة يلحق بأحكام الآخرة، لأن الغالب أنه من أحوال
(٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»