عمدة القاري - العيني - ج ١٧ - الصفحة ٢٠
في ليلة والمعراج في ليلة أخرى وأنهما في اليقظة قالوا في الأول رجع من بيت المقدس وفي صبيحته أخبر قريشا بما وقع وفي الثاني أسري به إلى بيت المقدس ثم عرج به من ليلته إلى السماء إلى آخر ما وقع ومنهم من قال بوقوع المعراج مرارا منهم الإمام أبو شامة واستندوا في ذلك إلى ما أخرجه البزار وسعيد بن المنصور من طريق أبي عمران الجوني عن أنس رفعه قال بينا أنا جالس إذ جاء جبريل عليه الصلاة والسلام فوكز بين كتفي فقمنا إلى صخرة مثل وكري الطائر فقعدت في أحدهما وقعد جبريل في الآخر فارتفعت حتى سدت الخافقين الحديث وفيه فتح لي باب من السماء ورأيت النور الأعظم قيل الظاهر أنها وقعت في المدينة * - 3886 حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمان سمعت جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لما كذبني قريش قمت في الحجر فجلا الله لي بيت المقدس فطفقت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه. (الحديث 3886 طرفه في: 4710).
مطابقته للترجمة من حيث إنه مشتمل على بعض ما وقع في الإسراء، ورجاله قد تكرر ذكرهم. والحديث أخرجه البخاري أيضا في التفسير عن أحمد بن صالح، وأخرجه مسلم في الإيمان عن قتيبة عن ليث به. وأخرجه الترمذي والنسائي جميعا في التفسير عن قتيبة به.
قوله: (أبو سلمة: سمعت جابر بن عبد الله) كذا هو في رواية الزهري عن أبي سلمة، وخالفه عبد الله بن الفضل عن أبي سلمة فقال: عن أبي هريرة، أخرجه مسلم وهو محمول على أن لأبي سلمة فيه شيخين، لأن في رواية عبد الله بن الفضل زيادة ليست في رواية الزهري. قوله: (لما كذبني) وفي رواية الكشميهني: كذبتني، بزيادة تاء التأنيث، أي: كذبتني في الإسراء: * (من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى) * (الإسراء: 1). قوله: (قمت في الحجر)، بكسر الحاء وهو ما تحت ميزاب الرحمة وهو من جهة الشام. قوله: (فجلا لي الله بيت المقدس) أي: كشف الحجب بيني وبينه حتى رأيته، ووقع في رواية عبد الله بن الفضل عن أبي سلمة عند مسلم، قال: فسألوني عن أشياء لم أثبتها، فكربت كربا لم أكرب مثله قط، فرفعه الله إلي أنظر إليه، ما يسألوني عن شيء إلا أنبأتهم به، قال بعضهم: يحتمل أنه حمل إلى موضع بحيث يراه ثم أعيد. قلت: لا طائل في ذكر الاحتمال، بل قوله: فرفعه الله، يدل قطعا على أن الله رفعه ووضعه بين يديه قطعا، والدليل عليه ما روي عن ابن عباس، فجيء بالمسجد وأنا أنظر إليه حتى وضع عند دار عقيل فنعته وأنا أنظر إليه، وهذا أبلغ في المعجزة ولا استحالة فيه، فقد أحضر عرش بلقيس في طرفة عين. وفي حديث أم هانىء عند ابن سعد: أنهم قالوا له: كم للمسجد من باب؟ قال: ولم أكن عددتها، فجعلت أنظر إليه وأعدها بابا بابا، وفيه عند أبي يعلى: أن الذي سأله عن صفة بيت المقدس هو المطعم بن عدي والد جبير بن مطعم. قوله: (فطفقت أخبرهم) بكسر الفاء وسكون القاف وهو من أفعال المقاربة ومعناه: الأخذ في الفعل. قوله: (عن آياته) أي: علاماته وأوضاعه وأحواله. قوله: (وأنا أنظر إليه) أي: إلى بيت المقدس، والواو فيه للحال.
42 ((باب المعراج)) أي: هذا باب في بيان المعراج، هكذا وقع في رواية الأكثرين، وفي رواية النسفي: قصة المعراج، أي: هذه قصة المعراج، بكسر الميم. قال بعضهم: وحكى ضمها. قلت: هذا غير صحيح، وهو من عرج يعرج عروجا إذا صعد، قال ابن الأثير: المعراج، بالكسر شبه السلم مفعال من العروج الصعود: كأنه آلة له، واختلف في وقت المعراج، فقيل: إنه كان قبل المبعث، وهو شاذ إلا إذا حمل على أنه وقع في المنام فله وجه، وقيل: كان قبل الهجرة بسنة، في ربيع الأول، وهو قول الأكثرين، حتى بالغ ابن حزم فنقل الإجماع على ذلك، وقال السدي: قبل الهجرة بسنة وخمسة أشهر، وأخرجه من طريقه الطبري والبيهقي فعلى هذا كان في شوال، وحكى ابن عبد البر: أنه كان في رجب، وجزم به النووي، وقيل: بثمانية عشر شهرا، حكاه عبد البر أيضا، وقيل: كان قبل الهجرة بسنة وثلاثة أشهر، فعلى هذا يكون في ذي الحجة، وبه جزم ابن فارس، وقيل: كان قبل الهجرة بثلاث سنين،
(٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 ... » »»