8153 حدثنا محمد أخبرنا مخلد بن يزيد أخبرنا ابن جريج قال أخبرني عمرو بن دينار أنه سمع جابرا رضي الله تعالى عنه يقول غزونا مع النبي صلى الله عليه وسلم وقد ثاب معه ناس من المهاجرين حتى كثروا وكان من المهاجرين رجل لعاب فكسع أنصاريا فغضب الأنصاري غضبا شديدا حتى تداعوا وقال الأنصاري يا للأنصار وقال المهاجري يا للمهاجرين فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فقال فما بال دعوى أهل الجاهلية ثم قال ما شأنهم فأخبر بكسعة المهاجري الأنصاري قال فقال النبي صلى الله عليه وسلم دعوها فإنها خبيثة وقال عبد الله بن أبي بن سلول أقد تداعوا علينا * (لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل) * (المنافقون: 8). فقال عمر ألا نقتل يا رسول الله هذا الخبيث لعبد الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا يتحدث الناس أنه كان يقتل أصحابه.
مطابقته للترجمة في قوله: (ما بال دعوى الجاهلية).
ذكر رجاله وهم خمسة: الأول: محمد، كذا وقع محمد غير منسوب عند جميع الرواة، وقال أبو نعيم: هو محمد بن سلام نص عليه في (المستخرج) وكذا قاله أبو علي الجياني، وجزم به الدمياطي أيضا. الثاني: مخلد، بفتح الميم واللام: ابن يزيد من الزيادة أبو الحسن الحراني الجزري، مات سنة ثلاث وتسعين ومائة. الثالث: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وقد تكرر ذكره. الرابع: عمرو بن دينار القرشي الأثرم المكي. الخامس: جابر بن عبد الله الأنصاري، رضي الله تعالى عنهما. والحديث من أفراده.
قوله: (غزونا)، هذه الغزوة هي عزوة المريسيع وفي مسلم: قال سفيان: يروون أن هذه الغزوة غزوة بني المصطلق، وهي غزوة المريسيع، وكانت في سنة ست من الهجرة. قوله: (ثاب)، بالثاء المثلثة، قال الكرماني: أي اجتمع معه ناس، وقال الداودي: معناه خرج، والذي عليه أهل اللغة أن معنى: ثاب رجع. قوله: (لعاب)، قيل: معناه مطال، وقيل: كان يلعب بالحراب كما تصنع الحبشة، وقيل: مزاح، واسمه: جهجاه بن قيس الغفاري، وكان أجير عمر بن الخطاب، رضي الله تعالى عنه. قوله: (فكسع)، بفتح الكاف والسين المهملة والعين المهملة: من الكسع، وهو أن تضرب بيدك أو برجلك دبر إنسان، ويقال: هو أن تضرب عجز إنسان بقدمك، وقيل: هو ضربك بالسيف على مؤخره. وفي (الموعب): كسعته بما ساءه: إذا تكلم فرميته على إثر قوله بكلمة تسوؤه بها. قوله: (أنصاريا)، أي: رجلا أنصاريا وهو: سنان بن وبرة، حليف بني سالم الخزرجي. قوله: (حتى تداعوا)، أي: حتى استغاثوا بالقبائل يستنصرون بهم في ذلك، والدعوى الانتماء، وكان أهل الجاهلية ينتمون بالاستغاثة إلى الآباء، وتداعوا، بصيغة الجمع وعن أبي ذر: تداعوا: بالتثنية. قال بعضهم: والمشهور في هذا: تداعيا بالياء عوض الواو. قلت: الذي قال بالواو أخرجه على الأصل. قوله: (يا للأنصار)، ويروى: يا آل الأنصار. قال النووي: كذا في معظم نسخ البخاري بلام مفصولة في الموضعين ، وفي بعضها يوصلها، وفي بعضها: يا آل، بهمزة ثم لام مفصولة واللام في الجميع مفتوحة وهي لام الاستغاثة، قال: والصحيح بلام موصولة، ومعناه: ادعو المهاجرين واستغيث بهم. قوله: (ما بال دعوى الجاهلية؟) يعني: لا تداعوا بالقبائل بل تداعوا بدعوة واحدة بالإسلام، ثم قال: ما شأنهم؟ أي: ما جرى لهم وما الموجب في ذلك؟ قوله: (دعوها)، أي: دعوا هذه المقالة، أي: اتركوها أو: دعوا هذه الدعوى، ثم بين حكمة الترك بقوله: (فإنها خبيثة) أي: فإن هذه الدعوة خبيثة أي قبيحة منكرة كريهة مؤذية لأنها تثير الغضب على غير الحق، والتقاتل على الباطل، وتؤدي إلى النار. كما جاء في الحديث: (من دعا بدعوى الجاهلية فليس منا وليتبوأ مقعده من النار)، وتسميتها: دعوى الجاهلية، لأنها كانت من شعارهم وكانت تأخذ حقها بالعصبية فجاء الإسلام بإبطال ذلك وفصل القضاء بالأحكام الشرعية إذا تعدى إنسان على آخر حكم الحاكم بينهما وألزم كلا ما لزمه. وقال السهيلي: من دعا بدعوى الجاهلية يتوجه للفقهاء فيه ثلاثة أقوال: أحدها: يجلد من استجاب لها بالسلاح خمسين سوطا، اقتداء بأبي موسى الأشعري، رضي الله تعالى عنه، في جلده النابغة الجعدي خمسين سوطا حين سمع: يا لعامر..