عن ابن مهدي. وأخرجه مسلم في الفضائل عن إبراهيم بن محمد بن عرعرة.
ذكر معناه: قوله: (ألا أخبركم) كلمة: ألا، للتنبيه على شيء يقال. قوله: (من غفار)، قد ذكرنا أنه إذا أريد به الحي ينصرف، وإذا أريد به القبيلة لا ينصرف. قوله: (فبلغنا أن رجلا قد خرج بمكة) وفي رواية مسلم: لما بلغ أبا ذر مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، بمكة. قال لأخيه... الحديث. قوله: (يزعم أنه نبي)، حال من: رجلا، لا يقال: إنه نكرة. فلا يقع الحال منه، لأنا نقول: قد تخصص بالصفة، وهو قوله: قد خرج بمكة. قوله: (فقلت لأخي: انطلق إلى هذا الرجل)، وفي رواية مسلم: قال لأخيه: إركب إلى هذا الوادي فاعلم لي علم هذا الرجل الذي يزعم أنه يأتيه الخبر من السماء، واسمع قوله ثم ائتني. واسم أخيه: أنيس. قوله: (كلمة)، فيه حدف تقديره: فإذا رأيته واجتمعت به كلمه وآتني بخبره، وفي رواية مسلم: واسمع قوله ثم ائتني. قوله: (فانطلق) ويروى: فانطلق الأخ، وفي رواية الكشميهني: فانطلق الآخر، وهو أخوه أنيس. قال عياض: ووقع عند بعضهم فانطلق الأخ الآخر، والصواب الاقتصار على أحدهما فإنه لا يعرف لأبي ذر إلا أخ واحد وهو أنيس. قوله: (فلقيه)، أي: فلقي النبي صلى الله عليه وسلم ثم رجع إلى أخيه، وفي رواية مسلم: فانطلق الآخر حتى قدم مكة، وسمع من قوله ثم رجع إلى أبي ذر. قوله: (رأيت رجلا يأمر بالخير وينهى عن الشر)، وفي رواية مسلم: رأيته يأمر بمكارم الأخلاق وكلاما ما هو بالشعر. قوله: (فقلت له) أي: لأخي: (لم تشفني من الخبر) من الشفاء أي: لم تجئني بجواب يشفيني من مرض الجهل. قوله: (فأخذت جرابا) بالجيم (وعصا) وفي رواية مسلم: ما شفيتني فيما أردت، فتزود وحمل شنة له فيها ماء حتى قدم مكة. قوله: (ثم أقبلت إلى مكة فجعلت لا أعرفه)، يعني: لا تدري به قريش فيؤذوه، وفي رواية مسلم: فأتى المسجد فالتمس النبي صلى الله عليه وسلم ولا يعرفه وكره أن يسأل عنه حتى أدركه، يعني الليل فاضطجع. قوله: (فمر بي علي)، رضي الله تعالى عنه، وهو: علي بن أبي طالب (فقال: كأن الرجل غريب) وفي رواية مسلم: فرآه علي فعرف أنه غريب. قوله: (قال: فانطلق إلى المنزل)، أي: قال علي له: انطلق معي إلى منزلنا، قال أبو ذر: (فانطلقت معه لا يسألني عن شيء ولا أخبره) وفي رواية مسلم: فلما رآه تبعه فلم يسأل واحد منهما صاحبه عن شيء حتى أصبح. قوله: (فلما أصبحت غدوت إلى المسجد لأسأل عنه)، أي: عن النبي صلى الله عليه وسلم (وليس أحد يخبرني عنه بشيء) وفي رواية مسلم بعد قوله: حتى أصبح، ثم احتمل قربته وزاده إلى المسجد فظل ذلك اليوم ولا يرى النبي صلى الله عليه وسلم حتى أمسى، فعاد إلى مضجعه، قوله: (قال فمر بي علي، رضي الله تعالى عنه، فقال: أما نال للرجل يعرف منزله؟) يقال: نال له إذا آن له، ويروى: ما أنى، وفي رواية مسلم: ما آن أن يعلم منزله، ويروى بدون همزة الاستفهام في اللفظة، أي: ما جاء الوقت الذي يعرف به منزل الرجل بأن يكون له مسكن معين يسكنه؟ ويروى: يعرف، بلفظ المبني للفاعل، ويحتمل أن يريد علي، رضي الله تعالى عنه، بهذا القول دعوته إلى بيته للضيافة، ويكون إضافة المنزل إليه بملابسة إضافته له فيه، كما قال الشاعر:
* ذريني، قلت بالله حلفة لتغني عني ذا أنا بك أجمعا * أو يريد إرشاده إلى ما قدم له وقصده، يعني: أما جاء وقت إظهار المقصود والاشتغال به، كالاجتماع برسول الله، صلى الله عليه وسلم مثلا وكالدخول في منزله ونحوه؟ وإنما قال: لا، في قوله: قلت: لا، على التقدير الأول، إذ لم يكن قصده التوطن ثمة، وعلى الثاني إذ كان عنده أمر أهم من ذلك، وهو التفتيش عن مقصوده، وعلى الثالث: إذ خاف من الإظهار. وقال الكرماني: ماذا فاعل نال؟ قلت: يعرف في تقدير المصدر نحو: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه قلت: التقدير: أن تسمع بالمعيدي، أي: سماعك بالمعيدي خير من رؤيته، وهنا التقدير: ما نال للرجل أن يعرف منزله؟ قوله: ما أمرك وما أقدمك هذه البلدة؟ وفي رواية مسلم: ألا تحدثني ما الذي أقدمك هذا البلد؟ قوله: (إن كتمت علي أخبرتك)، وفي رواية مسلم: إن أعطيتني عهدا وميثاقا لترشدني فعلت. قوله: (قال: فإني أفعل)، أي: قال علي: فإني أفعل ما ذكرته، وفي رواية مسلم: ففعل. قوله: (قد رشدت)، من: رشد يرشد من باب علم يعلم رشدا بفتحتين، ورشد يرشد من باب نصر ينصر رشدا بضم الراء وسكون الشين، وأرشدته أنا، والرشد خلاف الغي. قوله: (هذا وجهي إليه)، أي: هذا توجهي إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم فاتبعني، وفي رواية مسلم: فقال: إنه حق، وهو