عمدة القاري - العيني - ج ١٦ - الصفحة ٩١
أبي حمزة الحمصي عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري عن سعيد بن المسيب، وآخره عنه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم على ما نذكر مفصلا.
أما البحيرة فهي التي يمنع درها أي: لبنها للطواغيت، أي: لأجلها، وهي جمع: طاغوت، وهو الشيطان وكل رأس في الضلال، وكان أهل الجاهلية إذا أنتجت الناقة خمسة أبطن آخرها ذكر بحروا أذنها، أي: شقوا وحرموا ركوبها ودرها فلا تطرد عن ماء ولا عن مرعى لتعظيم الطواغيت، وتسمى تلك الناقة البحيرة. وأما السائبة فهي: أن الرجل منهم كان يقول: إذا قدمت من سفري أو برئت من مرضي فناقتي سائبة، وجعلها كالبحيرة في تحريم الانتفاع بها، هذا هو المشهور، وقد خصصه البخاري بقوله: والسائبة التي كانوا يسيبونها لآلهتهم، أي: لأصنامهم التي كانوا يعبدونها، وبعد ذلك لا يحمل عليها شيء. وفي (التلويح): والسائبة هي الأنثى من أولاد الأنعام كلها، كان الرجل يسيب لآلهته ما شاء من إبله وبقره وغنمه ولا يسيب إلا أنثى، فظهورها وأولادها وأصوافها وأوبارها للآلهة، وألبانها ومنافعها للرجال دون النساء، قاله مقاتل. وقيل: هي الناقة إذا تابعت بين عشر إناثا لم يركب ظهرها ولم يجز وبرها ولم يشرب لبنها إلا ضيف، فما نتجت بعد ذلك من أنثى شق أذنها ثم خلي سبيلها مع أمها في الإبل فلم يركب ظهرها ولم يجز وبرها ولم يشرب لبنها إلا ضيف كما فعل بأمها، فهي البحيرة بنت السائبة. وقال ابن عباس، رضي الله تعالى عنهما: هي أنهم كانوا إذا نتجت الناقة خمسة أبطن، فإن كان الخامس ذكرا نحروه وأكله الرجال
(٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 ... » »»