كان يصوم يوما ويفطر يوما وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه..
الحديث والترجمة شيء واحد غير أن فيهما تقديما وتأخيرا. والحديث مضى في كتاب التهجد في: باب من نام عند السحر، فإنه رواه عن علي بن عبد الله عن سفيان عن عمرو بن دينار إلى آخره، وقد مر الكلام فيه هناك.
93 ((باب * (واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب) * إلى قوله * (وفصل الخطاب) * (ص 1764;: 71 02).)) أي: هذا باب يذكر فيه قوله تعالى: * (واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب أنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق والطير محشورة كل له أواب وشددنا ملكه وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب) * (ص 1764;: 71 02). قوله: (واذكر عبدنا) عطف على ما قبله وهو قوله: * (إصبر على ما يقولون) * (ص: 71). خاطب الله تعالى نبيه بقوله: إصبر على ما يقولون أي: الكفار، واذكر عبدنا داود في صبره على العبادة والطاعة. قوله: (ذا الأيد) أي: القوة إنه أواب أي: راجع عن كل ما يكرهه الله تعالى. قوله: (بالعشي)، أي: بآخر النهار والإشراق أوله. قوله: (والطير)، أي: وسخرنا له الطير محشورة أي: مجموعة. قوله: (كل له) أي: كل واحد من الجبال والطير له أي: لداود أواب، أي: مطيع. قوله: (وشددنا ملكه)، أي: ملك داود، وعن ابن عباس: كان داود أشد ملوك الأرض سلطانا كان يحرس محرابه كل ليلة ثلاثة وثلاثون ألف رجل، وعنه: ستة وثلاثون ألف رجل، فإذا أصبحوا قيل: إرجعوا فقد رضي نبي الله منكم، وقيل: ثلاثة وثلاثون ألفا من بني إسرائيل ثم يأتي عوضهم، قال قتادة: فكأن جملة حرسه مائتان وثلاثون ألف حرس. قوله: (وآتيناه الحكمة) يعني: النبوة والزبور وعلم الشرائع والإصابة في الأمر. قوله: (فصل الخطاب)، الفصل: التمييز بين الشيئين وقيل: الكلام البين، والفصل بمعنى المفصول، وقيل: الفصل بمعنى الفاصل، والفاصل من الخطاب الذي يفصل بين الحق والباطل والصحيح والفاسد، وقيل: فصل الخطاب هو قوله: أما بعد، فإنه أول من قالها.
قال مجاهد الفهم في القضاء أي: قال مجاهد: فصل الخطاب هو الفهم في القضاء. وروى ابن أبي حاتم من طريق أبي بشر عن مجاهد، قال: الحكمة الصواب، ومن طريق ليث عن مجاهد: فصل الخطاب: إصابة القضاء وفهمه.
ولا تشطط لا تسرف أشار به إلى ما في قوله تعالى: * (فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط) * (ص 1764;: 22). وفسر: لا تشطط، بقوله: لا تسرف. قال بعضهم: كذا وقع هنا. قلت: فكأنه استبعد هذا التفسير، وقد فسره السدي هكذا، وفسره أيضا بقوله: لا تحف، وقال الفراء: معناه لا تجر، وروى أن جرير من طريق قتادة في قوله: ولا تشطط، أي: لا تمل، وعن المورج: لا تفرط والشطط مجاوزة الحد، وأصل الكلمة من قولهم: شطت الدار وأشطت إذا بعدت.
واهدنا إلى سواء الصراط هو بعد قوله: ولا تشطط، ومعناه: واهدنا إلى وسط الطريق.
* (إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة) * (ص 1764;: 32 42).
نذكر الآية بتمامها ثم نذكر ما ذكره البخاري من ألفاظ هذه الآية وتمامها: * (ولي نعجة واحدة فقال اكفلنيها وعزني في الخطاب) * (ص 1764;: 32 42). وبعد هذه الآية: * (قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثير من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب) * (ص 1764;: 32 42). قوله: (إن هذا أخي) أي: في الدين، أو المراد: أخوة الصداقة والألفة وأخوة الشركة، والمراد من النعجة المرأة، وهذا من أحسن التعريض حيث كنى بالنعاج عن النساء، والعرب تفعل هذا كثيرا، توري عن النساء بالظباء والشاء والبقر.