ول حارها من تولى قارها، فكأنه وجد عليه، فقال: يا عبد الله بن جعفر، قم فاجلده، فجلده، وعلي يعد حتى بلغ أربعين، فقال أمسك، ثم قال: جلد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين، وأبو بكر أربعين، وعمر ثمانين، وكل سنة وهذا أحب إلي. انتهى. فإن قلت: من الشاهد الآخر الذي لم يسم في هذه الرواية؟ قلت: قيل: هو الصعب بن جثامة الصحابي المشهور، رواه يعقوب بن سفيان في (تاريخه)، وعند الطبري من طريق سيف في (الفتوح): أن الذي شهد عليه ولد الصعب واسمه جثامة، كاسم جده، وفي رواية أخرى: أن ممن شهد عليه أبا زينب بن عوف الأزدي، وأبا مورع الأسدي أبو زينب، اسمه: زهير بن الحارث بن عوف بن كاسي الحجر، وقال أبو عمر: من ذكره في الصحابة فقد أخطأ، ليس له شيء يدل على ذلك، وأبو المورع...
. وذكر المسعودي في (المروج): أن عثمان قال للذين شهدوا: ما يدريكم أنه شرب الخمر؟ قالوا: هي التي كنا نشربها في الجاهلية، وذكر الطبري: أن الوليد ولي الكوفة خمس سنين، قالوا: وكان جوادا، فولى عثمان بعده سعيد بن العاص، فسار فيهم سيرة عادلة، وكانت تولية عثمان سعيد بن العاص الكوفة في سنة ثلاثين من الهجرة وفتح سعيد هذا طبرستان في هذه السنة، وقال الواقدي: لما ولى عثمان سعيد بن العاص الكوفة وقدمها قال: لا أصعد المنبر حتى تغسلوه من آثار الوليد الفاسق فإنه نجس، فاغسلوه، ثم ظهرت بعد ذلك من سعيد بن العاص هنات.
واحتج أصحابنا بهذا الحديث: أن حد السكران من شرب الخمر وغيرها من الأنبذة ثمانون جلدة، وقال الشافعي: أربعون جلدة، وبه قال أحمد في رواية، لأن النبي صلى الله عليه وسلم، ضرب في الخمر بالجريد والنعال، وضرب أبو بكر أربعين، قلنا: ما رواه كان بجريدتين والنعلين، فكان كل ضربة بضربتين، والذي يدل على هذا قول أبي سعيد: جلد على عهد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في الخمر بنعلين، فلما كان في زمن عمر، رضي الله تعالى عنه، جعل بدل كل نعل سوطا، رواه أحمد.
7963 حدثني محمد بن حاتم بن بزيع حدثنا شاذان حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال كنا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لا نعدل بأبي بكر أحدا ثم عمر ثم عثمان ثم نترك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا نفاضل بينهم..
مطابقته للترجمة من حيث إنه يدل على أن عثمان أفضل الناس بعد الشيخين. ومحمد بن حاتم، بالحاء المهملة وكسر التاء المثناة من فوق: ابن بزيع، بفتح الباء الموحدة وكسر الزاي وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره عين مهملة: أبو سعيد مات ببغداد في رمضان سنة تسع وأربعين ومائتين، وشاذان، بالشين المعجمة والذال المعجمة وفي آخره نون، واسمه: الأسود ابن عامر، ويلقب: بشاذان، أصله شامي سكن بغداد، وعبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون، بكسر الجيم وفتحها، وهو بضم النون صفة لعبد العزيز، وبكسرها صفة لأبي سلمة، لأن كلا منهما يلقب به، وعبيد الله هو ابن عمر العمري.
والحديث أخرجه أبو داود في السنة عن عثمان بن أبي شيبة عن الأسود بن عامر به.
قوله: (لا نعدل بأبي بكر أحدا)، أي: لا نجعل أحدا مثلا له، ثم عمر كذلك ثم عثمان كذلك. قوله: (ثم نترك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم) أرادوا أنهم بعد تفضيل الشيخين وعثمان لا يتعرض لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بعدهم، بالتفضيل وعدمه، وذلك لأنهم كانوا يجتهدون في التفضيل فيظهر لهم فضائل هؤلاء الثلاثة ظهورا بينا فيجزمون به. قوله: (لا نفاضل) أي: في نفس الأمر، تفسير قوله: (ثم نترك) يعني: لا نحكم بعدهم بتفضيل أحد على أحد، ونسكت عنهم. وقال الخطابي: وجه هذا أنه أريد به الشيوخ وذوو الأسنان، وهم الذين كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إذا حزنه أمر شاورهم، وكان علي، رضي الله تعالى عنه، في زمانه صلى الله عليه وسلم، حديث السن، ولم ير ابن عمر الازدراء بعلي، رضي الله تعالى عنه ولا تأخيره عن الفضيلة بعد عثمان، لأن فضله مشهور لا ينكره ابن عمر ولا غيره من الصحابة. قلت: وقد تقرر عند أهل السنة قاطبة من تقديم علي بعد عثمان، ومن تقديم بقية العشرة المبشرة على غيرهم، ومن تقديم