عمدة القاري - العيني - ج ١٦ - الصفحة ٢٠٣
قال معمر أراه قال أعوذ بالله منك فانصرفت فرجعت إليهم إذ جاء رسول عثمان فأتيته فقال ما نصيحتك فقلت إن الله سبحانه بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق وأنزل عليه الكتاب وكنت ممن استجاب لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم فهاجرت الهجرتين وصحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأيت هديه وقد أكثر الناس في شأن الوليد قال أردكت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت لا ولكن خلص إلي من علمه ما يخلص إلى العذراء في سترها قال أما بعد فإن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق فكنت ممن استجاب لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وآمنت بما بعث به وهاجرت الهجرتين كما قلت وصحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبايعته فوالله ما عصيته ولا غششته حتى توفاه الله ثم أبو بكر مثله ثم عمر مثله ثم استخلفت أفليس لي من الحق مثل الذي لهم قلت بلى قال فما هذه الأحاديث التي تبلغني عنكم أما ما ذكرت من شأن الوليد فسنأخذ فيه بالحق إن شاء الله ثم دعا عليا فأمره أن يجلده فجلده ثمانين.
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله: (ثم دعا عليا رضي الله تعالى عنه...) إلى آخره، من حيث إنه أقام الحد على أخيه، فهذا فيه: دلالة على مراعاة الحق. وفيه: منقبة من مناقبه.
وأحمد بن شبيب بن سعيد أبو عبد الله الحبطي البصري، وأبوه شبيب ابن سعيد، يروي عن يونس بن يزيد، روى عنه ابنه هنا وفي الاستقراض مفردا، وي غير موضع مقرونا. وعروة بن الزبير، وعبيد الله بن عدي، بفتح العين المهملة وكسر الدال المهملة: ابن الخيار النوفلي الفقيه، والمسور بن مخرمة، بفتح الميم في الأب وكسرها في الابن، وقد مرا عن قريب، وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث، بفتح الياء آخر الحروف وضم الغين المعجمة، وفي آخره ثاء مثلثة: القرشي الزهري المديني، وهو من أفراد البخاري.
قوله: (ما يمنعك) الخطاب لعبيد الله بن عدي، وفي رواية معمر عن الزهري التي تأتي في هجرة الحبشة، قالا: ما يمنعك أن تكلم خالك؟ لأن عبيد الله هذا هو ابن أخت عثمان بن عفان. قوله: (لأخيه) أي: لأجل أخيه، وفي رواية الكشميهني: في أخيه الوليد بن عقبة، وصرح بذلك في رواية معمر، وكان الوليد هذا أخا عثمان لأمه، وعقبة هو ابن أبي معيط بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس، وكان عثمان، رضي الله تعالى عنه، ولى الوليد الكوفة، وكان عاملا بالجزيرة على عربها، وكان على الكوفة سعد بن أبي وقاص، وكان عثمان ولاه لما ولي الخلافة بوصية من عمر، رضي الله تعالى عنه، وكان عمر قد عزله عن الكوفة كما ذكرنا. ثم عزل عثمان سعدا عن الكوفة، وولى الوليد عليها وكان سبب العزل: أن عبد الله بن مسعود كان على بيت المال في الكوفة، فاقترض منه سعد مالا، فجاء يتقاضاه فاختصما، فبلغ عثمان فغضب عليهما وعزل سعدا واستحضر الوليد من الجزيرة وولاه الكوفة. قوله: (فقد أكثر الناس فيه)، أي: في الوليد، يعني: أكثروا فيه من الكلام في حقه بسبب ما صدر منه، وكان قد صلى بأهل الكوفة صلاة الصبح أربع ركعات، ثم التفت إليهم فقال: أزيدكم؟ وكان سكرانا، وبلغ الخبر بذلك إلى عثمان، وترك إقامة الحد عليه، فتكلموا بذلك فيه وأنكروا أيضا عن عثمان عزل سعد بن أبي وقاص مع كونه أحد العشرة، ومن أهل الشورى، واجتمع له من الفضل والسن والعلم والدين والسبق إلى الإسلام ما لم يتفق منه شيء للوليد بن عقبة، ثم لما ظهر لعثمان سوء سيرته عزله، ولكن أخر إقامة الحد عليه ليكشف عن حال من يشهد عليه بذلك، فلما ظهر له الأمر أمر بإقامة الحد عليه، كما نذكره، وروى المدايني من طريق الشعبي: أن عثمان لما شهدوا عنده على الوليد حبسه. قوله: (فقصدت)، القائل هو عبيد الله بن عدي، حاصل المعنى: أنه قصد الحضور عند عثمان حتى خرج إلى الصلاة، وفي رواية الكشميهني: حين خرج، والمعنى على هذه الرواية صادف عبيد الله وقت خروج عثمان إلى الصلاة، وعلى الرواية الأولى أنه جعل قصده منتظرا خروج عثمان. قوله: (وهي نصيحة لك) الواو فيه للحال، ولفظه: هي ترجع إلى الحاجة. قوله: (قال)، أي:
(٢٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 ... » »»