عمدة القاري - العيني - ج ١٦ - الصفحة ٢٠٦
أهل بدر على من لم يشهدها، وقال الكرماني ما ملخصه: لا حجة في قوله: (كنا نترك) لأن الأصوليين اختلفوا في صيغة: كنا نفعل، لا في صيغة: كنا لا نفعل، لتصور تقرير السؤال في الأول دون الثاني، وعلى تقدير أن يكون حجة فما هو من العمليات حتى يكفي فيه الظن؟ ولئن سلمنا فقد عارضه ما هو أقوى منه، ثم قال: ويحتمل أن يكون ابن عمر أراد أن ذلك كان وقع له في بعض أزمنة النبي صلى الله عليه وسلم، فلا يمنع ذلك أن يظهر بعد ذلك، ولئن سلمنا عمومه لكن انعقد الإجماع على أفضلية علي بعد عثمان. انتهى. قلت: في دعواه الإجماع نظر، لأن جماعة من أهل السنة يقدمون عليا على عثمان، رضي الله تعالى عنهما.
تابعه عبد الله بن صالح عن عبد العزيز أي: تابع شاذان عبد الله بن صالح كاتب الليث الجهني المصري، وقيل: عبد الله بن صالح بن مسلم العجلي الكوفي في روايته عن عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون بإسناده المذكور، وكلاهما من مشايخ البخاري.
8963 حدثنا موساى بن إسماعيل حدثنا أبو عوانة حدثنا عثمان هو ابن موهب قال جاء رجل من أهل مصر حج البيت فرأى قوما جلوسا فقال من هاؤلاء القوم قال هاؤلاء قريش قال فمن الشيخ فيهم قالوا عبد الله بن عمر قال يا ابن عمر إني سائلك عن شيء فحدثني عنه هل تعلم أن عثمان فر يوم أحد قال نعم فقال تعلم أنه تغيب عن بدر ولم يشهد قال نعم قال هل تعلم أنه تغيب عن بيعة الرضوان فلم يشهدها قال نعم قال الله أكبر قال ابن عمر تعال أبين لك أما فراره يوم أحد فأشهد أن الله عفا عنه وغفر له وأما تغيبه عن بدر فإنه كانت تحته بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت مريضة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لك أجر رجل ممن شهد بدرا وسهمه وأما تغيبه عن بيعة الرضوان فلو كان أحد أعز ببطن مكة من عثمان لبعثه مكانه فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان وكانت بيعة الرضوان بعد ما ذهب عثمان إلى مكة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده اليمناى هاذه يد عثمان فضرب بها على يده فقال هذه لعثمان فقال له ابن عمر اذهب بها الآن معك..
مطابقته للترجمة من حيث إن فيه فضيلة عظيمة لعثمان، وهي أن الله عفا عنه وغفر له وحصل له السهم والأجر وهو غائب، ولم يحصل ذلك لغيره، وأشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى يده اليمنى، وقال: هذه يد عثمان، وهذا فضل عظيم أعطاه الله إياه.
وأبو عوانة، بفتح العين المهملة: الوضاح بن عبد الله اليشكري، وعثمان هو ابن عبد الله بن موهب، بفتح الميم وسكون الواو، وضبطه بعضهم كسرها وبعدها باء موحدة: تابعي وسط من طبقة الحسن البصري، وهو ثقة باتفاقهم، وفي الرواة آخر يقال له: عثمان بن موهب، تابعي أيضا بصري، لكنه أصغر منه، روى عن أنس وروى عنه زيد الحباب وحده، أخرج له النسائي.
قوله: (جلوسا) أي: جالسين. قوله: (قال: قريش) أي: هم قريش، ويروى: قالوا: قريش، بصيغة الجمع، فعلى الأول قال: واحد من القوم الذين كانوا هناك. قوله: (فمن الشيخ) أي: الكبير الذي يرجعون إليه في قوله؟ قوله: (قالوا: عبد الله ابن عمر) أي: كبيرهم هو عبد الله بن عمر بن الخطاب، رضي الله تعالى عنهما. قوله: (هل تعلم...) إلى آخره، مشتمل على ثلاث مسائل سأل ابن عمر عنها، والذي يظهر أنه كان متعصبا على عثمان، رضي الله تعالى عنه، فلذلك قال: الله أكبر، مستحسنا ولكن أراد أن يبين معتقده فيه لما أجاب عبد الله بن عمر عن كل واحدة منها بجواب حسن مطابق لما كان في نفس الأمر. قوله: (فأشهد أن الله
(٢٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 ... » »»