عمدة القاري - العيني - ج ١٦ - الصفحة ١٩٤
أريت في المنام أني أنزع بدلو بكرة على قليب فجاء أبو بكر فنزع ذنوبا أو ذنوبين نزعا ضعيفا. والله يغفر له ثم جاء عمر بن الخطاب فاستحالت غربا فلم أر عبقريا يفري فريه حتى روي الناس وضربوا بعطن..
مطابقته للترجمة ظاهرة، وعبيد الله هو ابن عمر العمري، وأبو بكر بن سالم هو ابن عبد الله بن عمر، وهو من أقران الراوي عنه وهما مدنيان من صغار التابعين. وأما أبو سالم فمعدود من كبارهم وهو أحد الفقهاء السبعة، وليس لأبي بكر بن سالم في البخاري غير هذا الموضع، وثقه العجلي ولا يعرف له راو إلا عبيد الله بن عمر المذكور، وإنما أخرج له البخاري في المتابعات.
والحديث مضى من طريق الزهري عن سالم. ومضى في فضل أبي بكر من طريق صخر عن نافع عن ابن عمر ومضى فيه أيضا من طريق ابن المسيب عن أبي هريرة نحوه.
قوله: (بدلو بكرة) بإضافة الدلو إلى البكرة بإسكان الكاف وحكي فتحها، وقيل: بكرة، مثلثة الباء، قلت: البكرة بإسكان الكاف على أن المراد نسبة الدلو إلى الأنثى من الإبل، وهي: الشابة أي: الدلو التي يستقي بها، وأما بتحريك الكاف فالمراد: الخشبة المستديرة التي تعلق فيها الدلو.
قال ابن جبير العبقري عتاق الزرابي: وقال يحيى الزرابي الطنافس لها خمل رقيق مبثوثة كثيرة ابن جبير، هو سعيد بن جبير، وهذا تعليق وصله عبد بن حميد من طريقه. قوله: (عتاق الزرابي)، أي: حسان الزرابي، وهو جمع عتيق وهو الكريم الرائع من كل شيء، ووقع في رواية الأصيلي وكريمة وبعض النسخ عن أبي ذر هنا: قال ابن نمير، والمراد به محمد بن عبد الله بن نمير، شيخ البخاري فيه، وقال الكرماني: هو أولى إذ هو الراوي له. قوله: (وقال يحيى) قال الكرماني: أي: القطان إذ هو أيضا راوي هذا الحديث، ومر آنفا في مناقب أبي بكر، وقال بعضهم: هو يحيى بن زياد الفراء، ذكر ذلك في (كتاب معاني القرآن) له، وظن الكرماني أنه يحيى بن سعيد القطان فجزم بذلك، واستند إلى كون الحديث ورد في روايته كما تقدم في مناقب أبي بكر رضي الله تعالى عنه. قلت: استناد الكرماني أقوى، ولا يلزم من ذكر الفراء: الزرابي، في كتابه أن يكون يحيى المذكور ها هو الفراء، بل الأقرب ما قاله الكرماني، لأن كثيرا من الرواة يفسرون ما وقع في ألفاظ الأحاديث التي يروونها. قوله: (الطنافس) جمع طنفسة بكسر الطاء والفاء وبضمهما وبكسر الطاء وفتح الفاء البساط الذي له خمل رقيق، والخمل بفتح الخاء المعجمة والميم بعدها لام: الأهداب. قوله: (رقيق) أي: غير غليظة. قوله: (مبثوثة) أشار به إلى ما في قوله تعالى: * (وزرابي مبثوثة) * (الغاشية: 61). وفسرها بقوله: (كثيرة) وقال بعضهم: هو بقية كلام يحيى بن زياد المذكور. قلت: هذه دعوى بلا دليل، بل الظاهر أنه من كلام البخاري، ولهذا قال: هو، ثم استطرد المصنف كعادته فذكر معنى صفة الزرابي الواردة في القرآن في قوله تعالى * (وزرابي مبثوثة) * (الغاشية: 61). وكلامه هذا يدل على أنه من كلام البخاري، وأنه يرد عليه نسبته إلى يحيى. فافهم.
3863 حدثنا علي بن عبد الله حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال حدثني أبي عن صالح عن ابن شهاب أخبرني عبد الحميد أن محمد بن سعد أخبره أن أباه قال حدثني عبد العزيز بن عبد الله حدثنا إبراهيم بن سعد عن صالح عن ابن شهاب عن عبد الحميد بن عبد الرحمان بن زيد عن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال استأذن عمر بن الخطاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده نسوة من قريش يكلمنه ويستكثرنه عالية أصواتهن على صوته فلما استأذن عمر بن الخطاب قمن فبادرن الحجاب فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل
(١٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 ... » »»