بنو المطلب وازروا بني هاشم في الجاهلية والإسلام ودخلوا معهم في الشعب غضبا لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، وحماية له مسلمهم طاعة لله ولرسوله، وكافرهم حمية للعشيرة وأنفة وطاعة لأبي طالب، عم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأما بنو عبد شمس وبنو نوفل، وإن كانوا أبناء عم، فلم يوافقوهم على ذلك، بل حاربوهم ونابذوهم، وأمالوا بطون قريش على حرب الرسول، ولهذا كان ذم أبي طالب لهم في قصيدته اللامية.
* جزى الله عنا عبد شمس ونوفلا * عقوبة شر عاجل غير أجل * * بميزان قسط لا يفيض شعيرة * له شاهد من نفسه حق عادل * * لقد سفهت أخلاق قوم تبدلوا * بني خلف قيضا بنا والغياطل * * ونحن الصميم من ذؤابة هاشم * وآل قصي في الخطوب الأوائل * وهذه قصيدة طويلة مائة وعشرة أبيات، قد ذكرناها في (تاريخنا الكبير) وفسرنا لغاتها. قوله: (بني خلف)، أراد رهط أمية بن خلف الجمحي. قوله: (قيضا) أي: مقايضة، وهو الاستبدال، والغياطل: جمع غيطلة، وهي الشجرة.
81 ((باب من لم يخمس الأسلاب)) هذا باب يذكر فيه من لم ير بتخميس الأسلاب، وأشار بهذا إلى خلاف فيه، فقال الشافعي: كل شيء من الغنيمة يخمس إلا السلب فإنه لا يخمس، وبه قال أحمد وابن جرير. وجماعة من أهل الحديث، وعن مالك: أن الإمام مخير فيه إن شاء خمسه وإن شاء لم يخمسه، واختاره القاضي إسماعيل بن إسحاق، وفيه قول ثالث: أنها تخمس، إذا كثرت وهو مروي عن عمر بن الخطاب، رضي الله تعالى عنه، وبه قال إسحاق بن راهويه، وقال الثوري ومكحول والأوزاعي يخمس، وهو قول مالك، ورواية عن ابن عباس، وقال الزهري عن القاسم بن محمد عن ابن عباس: السلب من النفل، والنفل يخمس، وقال ابن قدامة: السلب للقاتل إذا قتل في كل حال إلا أن ينهزم العدو، وبه قال الشافعي وأبو ثور، وداود وابن المنذر، وقال مسروق: إذا التقى الزحفان فلا سلب له، إنما النفل قبله أو بعده، ونحوه قول نافع. وقال الأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز وأبو بكر بن أبي مريم: السلب للقاتل ما لم تمتد الصفوف بعضها إلى بعض، فإذا كان كذلك فلا سلب لأحد. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: السلب من غنيمة الجيش حكمه حكم سائر الغنيمة إلا أن يقول الإمام: من قتل قتيلا فله سلبه، فحينئذ يكون له، وقال ابن قدامة: وبه قال مالك، وقال أحمد: لا يعجبني أن يأخذ السلب إلا بإذن الإمام، وهو قول الأوزاعي. وقال ابن المنذر والشافعي: له أخذه بغير إذنه. قوله: (الأسلاب)، جمع سلب بفتحتين على وزن فعل بمعنى مفعول، أي: مسلوب، وهو ما يأخذه أحد القرنين في الحرب من قرنه مما يكون عليه ومعه من سلاح وثياب ودابة وغيرها، وعن أحمد: لا تدخل الدابة، وعن الشافعي: يختص بأداة الحرب.
ومن قتل قتيلا فله سلبه من غير أن يخمس وحكم الإمام فيه قوله: (ومن قتل قتيلا فله سلبه) هذا المقدار أخرجه الطحاوي، وقال: حدثنا أبو بكرة وابن مرزوق، قالا: حدثنا أبو داود عن حماد بن سلمة عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس: أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال يوم حنين: من قتل قتيلا فله سلبه، فقتل أبو طلحة يومئذ عشرين رجلا فأخذ أسلابهم. وأبو بكرة: بكار القاضي، وأبو داود سليمان بن داود الطيالسي. وأخرجه أبو داود أيضا في (سننه) ولكن لفظه: من قتل كافرا فله سلبه. قوله: (قتيلا) يعني: مشارفا للقتل، لأن قتل القتيل لا يتصور. قوله: (من غير أن يخمس)، ليس من لفظ الحديث، وأراد به أن السلب لا يخمس، ويروى: من غير خمس بضمتين، وخمس بسكون الميم. قوله: (وحكم الإمام فيه)، عطف على قوله: من لم يخمس، فافهم.
1413 حدثنا مسدد قال حدثنا يوسف بن الماجشون عن صالح بن إبراهيم بن عبد