عمدة القاري - العيني - ج ١٥ - الصفحة ٢٠٤
في شراب أحدكم... إلى آخره، ليس بموجود عند الأكثرين من الرواة، فحينئذ تقع المطابقة بين هذه الأحاديث الأربعة المذكورة في هذا الباب وبين الترجمة السابقة عليه، وهي قوله: باب قول الله تعالى: * (وبث فيها من كل دابة) * (البقرة: 461). وقوله: (باب خير مال المسلم)، و: باب (خمس من الدواب) داخلان في: باب قول الله تعالى: * (وبث فيها من كل دابة) * (البقرة: 461). فإن قلت: فعلى هذا حديث الذباب لا يبقى له شيء من المطابقة لشيء من الأبواب؟ قلت: قيل: مطابقته لقوله: باب إذا وقع الذباب، ظاهرة جدا، لكن يتوجه الجواب في ذلك، على من لا يرى وجود هذا الباب، وأما أبو ذر الذي روى عن مشايخه وجود هذا الباب، فقد قالوا: لم يقع هذا إلا في آخر الأبواب المتقدمة كلها، فإن صح هذا أنه وقع في آخر الأبواب كلها بابا مستقلا، فلا كلام فيه، فإنه باب مترجم بشيء يطابق حديثه إياه، والله أعلم.
بسم الله الرحمان الرحيم 06 ((كتاب أحاديث الأنبياء عليهم الصلاة والسلام)) أي: هذا كتاب في بيان أحاديث الأنبياء، عليهم الصلاة والسلام، كذا وقع في رواية كريمة، وفي بعض النسخ، وكذا وقع في رواية أبي علي بن شبويه نحوه، وقد الآية التي تأتي في الترجمة على الباب، وفي بعض النسخ: كتاب الأنبياء، عليهم الصلاة والسلام، وفي بعض النسخ: باب خلق آدم صلى الله عليه وسلم، من غير ذكر شيء غيره. وأما عدد الأنبياء، عليهم الصلاة والسلام، فإن أبا ذر، رضي الله تعالى عنه، قال: قلت: يا رسول الله! كم الأنبياء؟ قال: مائة الف وأربعة وعشرون ألفا. قلت: يا رسول الله كم أرسل منهم؟ قال: ثلاثمائة وثلاثة عشر، جم غفير... الحديث، رواه ابن حبان في (صحيحه) وابن مردويه في (تفسيره): وعن أنس بن مالك، رضي الله تعالى عنه، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: بعث الله ثمانية آلاف نبي أربعة آلاف إلى بني إسرائيل وأربعة آلاف إلى سائر الناس رواه أبو يعلى الموصلي وعنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثت على أثر ثمانية آلاف نبي، منهم أربعة آلاف من بني إسرائيل، رواه الحافظ أبو بكر الإسماعيلي.
1 ((باب خلق آدم صلوات الله عليه وذريته)) أي: هذا باب في بيان خلق آدم، عليه الصلاة والسلام. قوله: (وذريته)، أي وفي بيان خلق ذريتهوإنما سمي آدم لأنه خلق من أدمة الأرض، وهي لونها، والأدمة في الناس السمرة الشديدة، وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس: أن آدم خلق من أديم الأرض، وهو وجهها، وروى مجاهد عنه أيضا أنه مشتق من الأدمة. وقال أبو إسحاق الثعلبي: التراب بلسان العبرية: آدام، فسمى آدم به، وحذفت الألف الثانية. وقيل: إنه اسم سرياني. وقال الجوهري: إنه اسم عربي وليس بعجمي. وذكر أبو منصور الجواليقي في كتاب (المعرب): أسماء الأنبياء كلها أعجمية إلا أربعة وهي: آدم وصالح وشعيب ومحمد، عليهم الصلاة والسلام، والمشهور أن كنيته: أبو البشر، وروى الوالبي عن ابن عباس أن كنيته: أبو محمد، وقال قتادة: لا يكنى في الجنة إلا آدم، يقال له: يا أبا محمد، إظهارا لشرف نبينا صلى الله عليه وسلم، ولا ينصرف آدم لأنه على وزن: افعل، وهو معرفة، وذكره الله تعالى في القرآن في سبعة وعشرين موضعا. وأما الذرية فأصلها من ذرا الله الخلق يذرؤهم ذرءا: خلقهم. قال الجوهري: الذرية نسل الثقلين، إلا أن العرب تركت همزتها والجمع: الذراري، وفي (المغرب): ذرية الرجل أولاده، ويكون واحدا وجمعا، ومنه قوله تعالى: * (فهب لي من لدنك ذرية طيبة) * (آل عمران: 83).
صلصال طين خلط برمل فصلصل كما يصلصل الفخار أشار بقوله: صلصال، إلى ما في قوله تعالى: * (خلق الإنسان من صلصال) * (الرحمن: 41). ثم فسر الصلصال بقوله: طين، خلط برمل، وحقيقة الصلصال: الطين اليابس المصوت. قوله: (فصلصل) أي: صوت، وهو فعل ماض، ويصلصل مضارعه، ومصدره صلصلة وصلصال، بالكسر، وعن ابن عباس: الصلصال هو الماء يقع على الأرض فتنشق وتجف ويصير له صوت. قوله:
(٢٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 ... » »»