والهرم، وعلى مقاساة المشاق والقيام بالعبادة، فيكتب لهم في حال هرمهم وخرفهم مثل الذين كانوا يعملون في حال شبابهم وصحتهم.
خسر ضلال ثم استثناى إلا من آمن أشار به إلى ما في قوله تعالى: * (إن الإنسان لفي خسر) * (العصر: 2). ثم فسر الخسر بالضلال، ثم استثنى الله تعالى من أهل الخسر * (الذين آمنوا وعملوا الصالحات) * (العصر: 3). لازب لازم أشار بهذا إلى ما في قوله تعالى: * (إنا خلقناهم من طين لازب) * (الصافات: 11). أي: لازم، وهكذا روي عن ابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة عنه.
ننشئكم في أي خلق نشاء أشار بهذا إلى ما في قوله تعالى: * (وننشئكم فيما لا تعلمون) * (الواقعة: 16). ثم فسر ذلك بقوله: في أي خلق نشاء.
نسبح بحمدك نعظمك أشار به إلى ما في قوله تعالى: * (ونحن نسبح بحمدك) * (البقرة: 03). ثم فسر ذلك بقوله: نعظمك، وكذا روي عن مجاهد.
وقال أبو العالية * (فتلقى آدم من ربه كلمات) * (البقرة: 73). فهو قوله * (ربنا ظلمنا أنفسنا) * (الأعراف: 32).
أبو العالية اسمه رفيع بن مهران الرياحي، أدرك الجاهلية وأسلم بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، بسنتين ودخل على أبي بكر الصديق، رضي الله تعالى عنه، وصلى خلف عمر بن الخطاب، رضي الله تعالى عنه، وروى عن جماعة من الصحابة، رضي الله تعالى عنهم. وقد فسر أبو العالية الكلمات في قوله تعالى: * (فتلقى آدم من ربه كلمات) * (البقرة: 73). بقوله تعالى: * (ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين) * (الأعراف: 32). وروي ذلك أيضا عن مجاهد وسعيد بن جبير والحسن البصري والربيع بن أنس وقتادة ومحمد بن كعب القرظي وخالد بن معدان وعطاء الخراساني وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم. وقال أبو إسحاق السبيعي: عن رجل من بني تميم، قال: أتيت ابن عباس فسألته: ما الكلمات التي تلقى آدم، عليه الصلاة والسلام، من ربه؟ قال: علم آدم شأن الحج.
فأزلهما فاستزلهما أشار بهذا إلى ما في قوله تعالى: * (فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه) * (البقرة: 83). ثم فسره بقوله: فاستزلهما، أي: دعاهما إلى الزلة. وفي (تفسير ابن كثير): يصح أن يكون الضمير عائدا إلى الجنة، فيكون المعنى كما قرأ حمزة وعاصم فأزالهما، أي: نحاهما ويصح أن يكون عائدا على أقرب المذكورين وهو الشجرة، فيكون المعنى كما قال الحسن وقتادة، فأزلهما، أي: من قبل الزلل، فيكون تقدير الكلام: فأزلهما الشيطان عنها أي بسببها.
ويتسنه يتغير آسن متغير والمسنون المتغير أشار بهذا إلى ما في قوله تعالى: * (فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه) * (البقرة: 952). أي: لم يتغير، وأشار بقوله: آسن إلى ما في قوله تعالى: * (فيها أنهار من ماء غير آسن) * (محمد: 51). أي: غير متغير، وأشار بقوله: والمسنون، إلى ما في قوله تعالى: * (من حمأ مسنون) * (الحجر: 62، و 82 و 33). أي: من طين متغير، وكل هذه من مادة واحدة. وقال الكرماني: فإن قلت: ما وجه تعلقه بقصة آدم عليه السلام؟ قلت: ذكر بتبعية المسنون لأنه قد يقال باشتقاقه منه. انتهى. قلت: الداعي إلى هذا السؤال والجواب هو أن جميع ما ذكره من الألفاظ من أول الباب إلى الحديث الذي يأتي متعلق بآدم وأحواله، غير قوله: يتسنه، فإنه متعلق بقضية عزير، عليه السلام، وغير قوله: آسن، فإنه متعلق بالماء، فلذلك سأل وأجاب، ومع هذا قال: وأمثال هذه تكثير لحجم الكتاب لا تكثير