وجبير مصغر ضد كسير ابن مطعم، بلفظ اسم الفاعل من الإطعام، كان من سادات قريش، أسلم يوم الفتح، وكان حين جاء في فداء أسارى بدر وفكاكهم كافرا، قال:
أتيت النبي صلى الله عليه وسلم لأكلمه في أسارى بدر، فوافيته وهو يصلي بأصحابه المغرب، فسمعته وهو يقرأ، وقد خرج صوته من المسجد: * (إن عذاب ربك لواقع ما له من دافع) * (الطور: 7 8). قال: فكأنما صدع قلبي، فلما فرغ من صلاته كلمته في الأسارى، فقال: لو كان أبوك حيا فأتانا فيهم لقبلنا شفاعته. وذلك أنه كانت له عند رسول الله، صلى الله عليه وسلم يد. قوله: (يقرأ في المغرب بالطور) أي: يقرأ في صلاة المغرب بسورة الطور، وقد مضى هذا في كتاب الصلاة، في: باب الجهر في المغرب، ومضى الكلام فيه.
371 ((باب الحربي إذا دخل دار الإسلام بغير أمان)) أي: هذا باب في بيان حكم الحربي من أهل دار الحرب إذا دخل دار الإسلام بغير أمان ما يكون أمره؟ هل يجوز قتله أم لا؟ لم يذكر الجواب لأجل الاختلاف فيه، فقال مالك: يتخير فيه الإمام وحكمه حكم أهل الحرب. وقال الأوزاعي والشافعي: إن ادعى أنه رسول قبل منه، وقال أبو حنيفة وأبو يوسف وأحمد: لا يقبل ذلك منه، وهو فيء للمسلمين. وقال محمد: هو لمن وجده.
1503 حدثنا أبو نعيم قال حدثنا أبو العميس عن إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم عين من المشركين وهو في سفر فجلس عند أصحابه يتحدث ثم انفتل فقال النبي صلى الله عليه وسلم اطلبوه واقتلوه فقتله فنفله سلبه.
قيل: لا مطابقة بين الحديث والترجمة، لأن الحديث في عين المشركين وهو جاسوسهم، والترجمة في الحربي المطلق الذي يدخل بغير أمان. وأجيب: بأن العين المذكورة في الحديث أوهم أنه ممن له أمان، فلما قضى حاجته من التجسس انفتل مسرعا، فعلموا أنه حربي دخل بغير أمان، فلهذا قتل.
وأبو نعيم الفضل بن دكين، وأبو العميس، بضم العين المهملة وفتح الميم وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره سين مهملة: واسمه عتبة، بضم العين المهملة وسكون التاء المثناة من فوق: ابن عبد الله الهلالي مر في كتاب الإيمان، وإياس، بكسر الهمزة وتخفيف الياء آخر الحروف وبالسين المهملة: ابن سلمة، بفتح اللام: ابن الأكوع.
والحديث أخرجه أبو داود في الجهاد أيضا عن الحسن بن علي عن أبي نعيم. وأخرجه النسائي في السير عن أحمد بن سليمان.
قوله: (عين)، أي: جاسوس. قوله: (في سفر)، بينه مسلم فإنه أخرج الحديث في المغازي عن زهير بن حرب عن عمر ابن يونس عن عكرمة بن عمار عن إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه: غزونا مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم هوازن يعني: حنينا فبينا نحن نتضحى مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل على جمل أحمر فأناخه ثم انتزع طلقا من جعبته فقيد به الجمل، ثم تقدم فتغدى مع القوم، وجعل ينظر وفينا ضعفة ورقة من الظهر، وبعضنا مشاة، إذ خرج يشتد فأتى جمله فأطلق قيده ثم قعد عليه فاشتد به الجمل، فاتبعه رجل على ناقة ورقاء، قال سلمة: وخرجت اشتد فكنت عند ورك الناقة، ثم أخذت بخطام الجمل فأنخته، فلما وضع ركبتيه على الأرض ضربت رأسه، فبدر ثم جئت بالجمل أقوده عليه رحله وسلاحه، فاستقبلني رسول الله، صلى الله عليه وسلم والناس معه، فقال: من قتل الرجل؟ قالوا: ابن الأكوع. قال: له سلبه أجمع. وعند الإسماعيلي فقال صلى الله عليه وسلم: علي بالرجل، اقتلوه، فابتدره القوم، وفي رواية: قام رجل من عند النبي صلى الله عليه وسلم فأخبر أنه عين من المشركين، فقال: من قتله فله سلبه. قوله: (ثم انفتل) أي: ثم انصرف. قوله: (اطلبوه واقتلوه) وفي رواية أبي نعيم في (المستخرج) من طريق يحيى الحماني عن أبي العميس: أدركوه فإنه عين، وفي رواية أبي داود: فسبقتهم إليه فقتلته، وفاعل: اسبقتهم، سلمة بن الأكوع، وكذلك فاعل: فقتلته. قوله: (فقتله)، أي: فقتله سلمة. وفيه التفات من المتكلم إلى الغائب، والقياس: فقتلته، بالإخبار عن نفسه كما في رواية أبي داود، وهكذا روى أيضا هنا. قوله: (فنفله)، أي: فنفل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، سلب هذا العين سلمة، وفيه التفات أيضا، والقياس فقتلته ونفلني سلبه، أي: أعطاه ما سلب منه، وأما النفل في اصطلاح الفقهاء ما شرطه الأمير لمتعاطي خطر، والسلب