وتعذر نقله دفن هناك، وحرم المدينة لا يلحق بحرم مكة فيما ذكر، لكن استحسن الروياني أن يخرج منه إذا لم يتعذر الإخراج ويدفن خارجه. قلت: مذهب أبي حنيفة: أنه لا بأس بأن يدخل أهل الذمة المسجد الحرام، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أنزل وفد ثقيف في مسجده وهم كفار، رواه أبو داود، والآية محمولة على منعهم أن يدخلوها مستولين عليها ومستعلين على أهل الإسلام من حيث التدبير والقيام بعمارة المسجد، فإن قبل الفتح كانت الولاية والاستعلاء لهم ولم يبق ذلك لهم بعد الفتح. أو هي محمولة على كونهم طائفين الكعبة حال كونهم عراة، كما كانت عادتهم في الجاهلية.
وقال يعقوب بن محمد سألت المغيرة بن عبد الرحمان عن جزيرة العرب فقال مكة والمدينة واليمامة واليمن وقال يعقوب والعرج أول تهامة يعقوب بن محمد بن عيسى الزهري، والمغيرة بن عبد الرحمن، وهذا الأثر المعلق وصله إسماعيل القاضي في كتاب (أحكام القرآن): عن أحمد بن المعدل عن يعقوب بن محمد عن مالك بن أنس مثله. قوله: (والعرج)، بفتح العين المهملة وسكون الراء وفي آخره جيم: وهو منزل بين طريق مكة وتهامة، وهي بكسر التاء المثناة من فوق: اسم لكل ما نزل عن نجد من بلاد الحجاز، وقال البكري: العرج قرية جامعة على طريق مكة من المدينة، بينها وبين الرويثة أربعة عشر ميلا، وبينها وبين المدينة أحد وعشرون فرسخا.
771 ((باب التجمل للوفود)) أي: هذا باب في بيان التجمل باللبس لأجل الوفود، وهو جمع وفد، وقد مر تفسيره عن قريب.
4503 حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أن عمر رضي الله تعالى عنهما قال وجد عمر حلة إستبرق تباع في السوق فأتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ابتع هاذه الحلة فتجمل بها للعيد وللوفود فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هاذه لباس من لا خلاق له أو إنما يلبس هذه من لا خلاق له فلبث ما شاء الله ثم أرسل إليه النبي صلى الله عليه وسلم بجبة ديباج فأقبل بها عمر حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله قلت إنما هاذه لباس من لا خلاق له أو إنما يلبس هذه من لا خلاق له ثم أرسلت إلي بهاذه فقال تبيعها أو تصيب بها بعض حاجتك.
.
مطابقته للترجمة في قوله: (ابتع هذه الحلة فتجمل بها للعيد وللوفود). وأخرج البخاري نحوه في كتاب الجمعة في: باب يلبس أحسن ما يجد، عن عبد الله بن يوسف عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن: عمر بن الخطاب، رضي الله تعالى عنه، رأى حلة سيراء عند باب المسجد... الحديث، وفي آخره: فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: إني لم أكسكها لتلبسها، فكساها عمر بن الخطاب أخا له بمكة مشركا.
قوله: (إستبرق)، هو معرب استبر، فزيدت عليه: القاف. وقال ابن الأثير: الإستبرق، ما غلظ من الحرير، وهي لفظة أعجمية معربة أصلها: استبره، وقد ذكرها الجوهري في فصل الباء من القاف، على أن الهمزة والسين والتاء زوائد، وذكرها الأزهري في خماسي القاف، على أن همزتها وحدها زائدة. قوله: (ابتع)، أمر من الإبتياع أي: شتر، والحلة واحدة الحلل، ولا تسمى حلة إلا أن تكون ثوبين من جنس واحد. قوله: (فتجمل)، أمر من: التجمل، وهو التزين. قوله: (من لا خلاق له)، أي: من لا نصيب له. قوله: (ديباج)، وهي الثياب المتخذة من الإبريسم، فارسي معرب، وقد تفتح داله ويجمع على دباييج ودبابيج بالباء والياء، لأن أصله دباج، بالتشديد قوله: (أو إنما) شك من الراوي، وقد مرت الأبحاث فيه في كتاب الجمعة.